وَلَا تَعْمُرُ فِي قَلْبِ الْمُتَكَبِّرِ الْجَبَّارِ ، لِانَّ اللهَ جَعَلَ التَّوَاضُعَ آلَة الْعَقْلِ وَجَعَلَ التَّكَبُّرُ مِنْ آلَةِ الْجَهْلِ» (١).
٣ ـ التكبّر المصدر الأساسي للكثير من الذنوب
لو تأملنا في حالات الأشخاص الّذين يعيشون الحسد ، الحرص ، بذاءة اللسان ، والذنوب الاخرى لرأينا أنّ الأصل ومصدر جميع هذه الرذائل الأخلاقية تنشأ من صفة التكبّر ، فهؤلاء لا يجدون في أنفسهم رغبة لرؤية من هو أفضل منهم ، ولهذا فإنّ أيّة نعمة وموهبة وموفقية تكون من نصيب الآخرين فسوف يتعاملون معهم من موقع الحسد.
إن هؤلاء ولغرض توطيد أركان حالة الفوقية لشخصياتهم فإنّهم يحرصون على جمع الأموال والثروات.
ولغرض إظهار العلو على الآخرين يبيحون لأنفسهم تحقيرهم ويلوثون ألسنتهم بأنواع البذاءة في الكلام والسبّ والشتم والهتك لإشباع هذه الحاجة والنقص في أنفسهم ولإطفاء هذه النار المستعرة في وجودهم.
ونقرأ في حديث عن أمير المؤمنين قوله «الْحِرْصُ وَالْكِبْرُ وَالْحَسَدُ دَوَاعٍ الَى تَقَحُّم الذُّنُوبِ» (٢).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام علي عليهالسلام أيضاً أنّه قال : «التَّكَبُّرُ يُظْهِرُ الرَّذِيلَةَ» (٣).
٤ ـ التكبّر مصدر النفرة والفرقة
إن من البلايا المهمة الّتي ترد على المتكبّرين هو الإنزواء الإجتماعي وتفرّق الناس من حولهم لأن شرف الإنسان وعزّته الذاتية لا تسمح له بالخضوع أمام الأشخاص المغرورين والمتكبّرين والانصياع لأوامرهم ، ولهذا السبب فإنّ الناس وحتّى المقرّبين سوف يتحرّكون بعيداً عن هؤلاء المتكبّرين ، وعلى فرض أنّ الآخرين يجدون أنفسهم مضطرين لمعاشرتهم
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ١ ص ١٥٣.
٢ ـ نهج البلاغة ، الحكمة ٣٧١.
٣ ـ غرر الحكم ، ح ٥٢٣.