ولكن ما ذا حدث لداود في هذه الفتنة وهذا الامتحان الإلهي؟ هناك كلام كثير بين المفسّرين ، وأما ما ورد في التوراة المحرّفة الحالية فيتلخص في أنّ داود كان قد طمع في زوجة أحد قادته العسكريين ويدعى «اورياي حتى» والّذي كانت له زوجة جميله جدّاً فعشقها داود واحتال لتحريرها من قيد زوجيتها مع اوريا ليتمكن من الزواج بها مع انه كانت له أزواج عديدة ، وهكذا نرى أنّ هذه القصة المفتعلة لا تتناسب مطلقاً مع قداسة الأنبياء الإلهيين بل لا تتناسب مع الأخلاق الإنسانية لدى أيّ إنسان في المستوى المتوسط من الأخلاق ، فانّ كلّ إنسان يستقبح هذه الحالة في نفسه وفي غيره من البشر.
والمشهور بين المفسّرين الإسلاميين هو أنّ امتحان داود كان يتعلق بمسألة القضاء وانه استعجل في حكمه وقبل أن يسمع حجّة الطرف الآخر حكم بينهما وقضى للأوّل على الثاني ، وبالرغم من أنّ حكمه وقضائه كان مصيباً للحقّ فإنّ الله تعالى وبّخه على تركه للأولى في هذه القضية ، ثمّ إنّ داود التفت إلى ذنبه وتاب منه.
وعلى أيّة حال فمقصودنا من استعراض هذه القصة هو أنّ الإنسان عند ما يستولي عليه الحرص والطمع فإنه يتحرّك من موقع ارتكاب الظلم والجور حتّى بالنسبة إلى أخيه الضعيف والمسكين ولا يأبى عن غصب حقّه وحرمانه من أبسط لوازم الحياة والمعيشة.
أجل فإنّ الحرص على الدنيا وملذاتها لا يعرف حدّاً وحدوداً بل يجرّ الإنسان إلى ارتكاب أشنع الظلم والجور في حقّ الآخرين.
«الآية الرابعة» من الآيات التي جاءت فى البحث وتشير إلى حرص اليهود على الحياة الدنيا ، وتنطلق الآية من موقع الذم لهؤلاء فتقول : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا).
هؤلاء حريصون على جمع الأموال والثروات ، حريصون على الملك والتسلط على الدنيا ، حريصون على التمسّك بزمام الامور ، والعجيب أنّهم احرص من المشركين الّذين لا يلتزمون بأيّ دين ولا يعتقدون بأيّة شريعة سماوية في حين أنّ التعليمات السماوية تذم