وعلى أيّ حال فإنّ القرآن الكريم يبين هذه الواقعة بهذه العبارة (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً).
ثمّ يخاطب النبي الكريم بالقول (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
ويُحتمل أنّ البعض ترك الصلاة والنبي الأكرم وتوجّه إلى السوق والقافلة لتأمين حاجاته الضرورية للحياة (بالرغم من وجود الوقت الكافي لتهيئتها بعد الصلاة) ولكن التعبير أعلاه يبين بوضوح أنّ فئة من هؤلاء توجّهوا إلى القافلة بدافع من الحرص على شراء السع والبضائع بقيمة زهيدة ثمّ بيعها بأعلى الأثمان طمعاً في الثروة والمال الكثير ، وجماعة توجّهوا إلى القافلة بوحي الأهواء والنوازع النفسانية وبذلك حرموا أنفسهم من السعادة العظمى في حضور الصلاه مع النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله.
وجاءت الآية السابعة» والأخيرة من الآيات محل البحث لتتحدّث عن الأشخاص الّذين يتحركون في تعاملهم مع الآخرين من موقع السخرية والاستهزاء وذلك بدافع من الغرور لما يعيشونه من حالة الثراء ويتصورون أنّ ذلك يسوّغ لهم الاستهزاء بالمؤمنين الفقراء.
فتقول الآية (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ* الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ* يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) فمثل هذا الشخص الّذي يجمع الأموال بدون حساب للحلال والحرام ويتصور أنّ هذه الأموال تؤدي إلى بقائه وخلوده وابتعاد الموت عنه أنّ هذه الثروة تُبيح له السخرية بالآخرين من الفقراء والمُعدمين.
جملة «عَدَّده» الناظرة إلى حساب الأموال من قِبَل أصحاب الثروة تشير إلى شدّة حرصهم وولعهم بهذه الأموال والثروات بحيث إنه كلّما ازدادت أموالهم ازدادوا حبّاً وشغفاً بها ولذلك فهم يعدّدونها دائماً ويجدون في ذلك لذّة كبيرة.
وجملة (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ) هي في الواقع بمثابة العلّة للهمز واللمز المذكور في