فالشخص الّذي يعتقد بأن الله قادر ورازق وأنّ مفتاح الخيرات بيده فقط (بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١) فسوف لا يجد في نفسه حالة الحرص على جمع الأموال والنعم المادية الاخرى.
إنّ الشخص الّذي يعيش الإيمان الكامل بوعد الله تعالى وقوله : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ ...)(٢) فبدلاً من الحرص على جمع الأموال فإنه سيحرص على انفاقها في سبيل الله.
وعند ما تهتز أركان الإيمان في وجود الإنسان وخاصّة التوحيد الأفعالي فإنّ الصفات الرذيلة سوف تتجذر في نفس الإنسان وأخطرها الحرص ، وحينئذٍ فلا بدّ من تقوية أركان الإيمان لمنع تفشي هذه الصفة ورسوخ هذه الحالة السلبية في باطن الإنسان.
وأحد الأسباب الاخرى للحرص هو الجهل وعدم الاطلاع على حقائق الامور وما يترتب عليها من نتائج وآثار في الواقع العملي.
فإذا علم الإنسان أنّ الحرص يتسبّب في سلب طمأنينته وهدوئه في حركة الحياة وانه سيوقعه في العسر والشقاء والتعب الدائم ، وأنّ الحرص سوف يُهدم مروءته ويحطّم شخصيّته ويسقطه في أنظار الناس ، وأنّ الحرص يتسبب في أن يعيش عيشة الفقراء بالرغم من غناه الظاهري وأنّ ما جمعه من الأموال والثروات سينتفع به الآخرين ولكنه سيُسأل عنها يوم القيامة بالرغم من أنّ الآخرين هم الّذين ينتفعون بها في الدنيا.
أجل فإنّ الحريص إذا فكر في هذه النتائج والعواقب الوخيمة فإنّ ذلك سيؤثر في نفسه وروحه تأثيراً ايجابياً.
ويقول الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء : إعلم أنّ هذا الدواء مركّب من ثلاثة أركان «الصبر» و«العلم» و«العمل» ومجموع ذلك خمسة امور :
الأوّل وهو العمل : الاقتصاد في المعيشة والرفق في الانفاق ، فإنّ هذا القدر يتيسّر بأدنى
__________________
١ ـ سورة آل عمران ، الآية ٢٦.
٢ ـ سورة النحل ، الآية ٩٦.