جهد ويمكن معه الإجمال في الطلب ، فالاقتصاد في المعيشة هو الأصل في القناعة ونعني به الرّفق في الإنفاق وترك الفرق فيه.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «من اقتصد أغناه الله ، ومن بذّر أفقره الله ، ومن ذكر الله عزوجل أحبّه الله» (١).
الثاني : أنّه إذا تيسّر له في الحال ما يكفيه فلا ينبغي أن يكون شديد الاضطراب لأجل الاستقبال ، ويعينه على ذلك قصر الأمل والتحقّق بأنّ الرّزق الّذي قدّر له لا بدّ وأن يأتيه وإن لم يشتدّ حرصه ، قال تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ)(٢).
الثالث : أن يعرف ما في القناعة من عزّ الاستغناء وما في الطمع والحرص من الذل فإذا تحقّق له ذلك إزدادت رغبته في القناعة لأنّه في الحرص لا يخلو من تعب وفي الطمع لا يخلو من ذل ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : «عزّ المؤمن استغناؤه عن الناس» (٣).
الرابع : أن يكثر تأمّله في تاريخ بعض اليهود والنصارى وأراذل الناس والحمقى ومن لا دين لهم ولا عقل ، ثمّ ينظر إلى أحوال الأنبياء والأولياء والصحابة والتابعين ويستمع أحاديثهم ويطالع أحوالهم ويقارن بينهم ويخير عقله بين أن يكون على مشابهة أرذل الخلق أو على الاقتداء بمن هو أعزُّ أصناف الخلق عند الله حتى يهون عليه بذلك الصبر على الضنك والقناعة باليسير.
الخامس : أن يفكر في مخاطر جمع المال والثروة من دون قيد أو شرط ، وكذلك في عواقب هذا العمل في الدنيا والآخرة ، وكذلك عليه أن يفكر في العواقب الحميدة التي تأتي من القناعة.
وعليه أن يفكر دائماً في أمور دنياه وينظر الى ما دونه من الخق ، لا أن ينظر الى من هم أعلى منه في الغنى ، لأن الشيطان يسوّل للانسان دائماً ويدعوه للنظر الى ما فوقه ، ويقول له في
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ، ج ٣ ص ٢٥٥٧.
٢ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٦٨.
٣ ـ شرح غرر الحكم ، ج ٥ ، ص ٣٣٨.