لمنفعة يجلب (١) بها إلى نفسه ، أو لمضرة يدفعها عن نفسه ، وإنما أمرهم ونهاهم ؛ لمنافع ترجع إليهم ومضار تلحقهم ، ثم أضيف إليه الأمر والنهي وإن كان لا منفعة له ولا مضرة عليه ؛ فكذلك ابتلى خلقه ؛ ليظهر للمبتلى عداوته وولايته ، لا لتظهر له ، وأضاف الابتلاء إلى نفسه وإن كان هو مستغنيا عن الابتلاء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
ففيه إبانة أنه لم يبتلنا لمنفعة أو لعز (٢) يرجع إليه ، أو لذل يدفع عنه ، ولكن لعز يحرزه الممتحن إذا أحسن العمل وذنوب تغفر له وتستر عليه ، وهو عزيز بذاته.
وجائز أن يكون معنى قوله : (وَهُوَ الْعَزِيزُ) ، أي : القوي على الانتقام ممن ساء عمله ، واختار عداوته ، (الْغَفُورُ) : الستور على من حسن عمله ، يستر عليه ذنبه ، ويجزيه بحسن عمله ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ).
ففي ذكر السموات السبع إيجاب القول بتصديق ما يأتي به الرسل ؛ [لأن كون السموات سبعا لا يعرف إلا من طريق](٣) الخبر ، وقد ثبت وجود هذا القول [على ألسن الرسل](٤) وهذه الآية أثبتت تصديق ما يأتي به الرسل ؛ فلزمنا القول [في السماوات](٥) أنها سبع وإن لم تشاهد.
ثم يحتمل قوله : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ؛ ليبلو أهلها : أيهم أحسن عملا ؛ لأنه بين أنه لم يخلق السموات والأرضين باطلا ، ثم السموات بأنفسها لا تمتحن ، وإنما يمتحن أهلها ، لكنه اقتضى [ذكر السموات](٦) ذكر أهلها ، واقتضى ذكر الأرض ذكر أهلها ، فأخبر بذكر الأرض عن ذكر أهلها ، وبذكر السموات عن ذكر أهلها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ).
أي : انظر في خلق الرحمن ، هل ترى [فيه](٧) من تفاوت أو فطور؟! فإنك إن رأيت فيه فطورا ، ظننت أن في مدبره عددا ، وإن رأيت فيه تفاوتا ، ظننت في منشئه سفها ، فإنك
__________________
(١) في أ : يجب.
(٢) في أ : أمر.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في أ : من.
(٤) في ب : بالرسالة.
(٥) في ب : في أن السموات.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.