وقوله ـ عزوجل ـ : (فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ).
طائف من ربك : قيل (١) : عذاب ربك ، وسمي : طائفا لأنه أتاهم بالليل ، وكل آت بالليل [فهو](٢) طائف.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ).
قيل : أي : الجنة كأنها صرمت ، وهم أصبحوا ليصرموها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ).
قيل (٣) : يتسارّون فيما بينهم ؛ فيجوز أن تكون مسارتهم كانت في الأمر بالإسراع في المشي ؛ لئلا يشعر بهم أحد من المساكين.
أو يتعجلوا في الخروج [والمشي](٤) قبل الوقت الذي يصبح فيه المساكين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ).
فمنهم من ذكر أن اسم جنتهم كان حردا.
وقيل (٥) : غدوا على أمر قد استثنوه فيما بينهم.
وقال الزجاج : الحرد له أوجه ثلاثة :
أحدها : القصد ، واستدل عليه بقول الشاعر :
أقبل سيل كان من أمر الله |
|
يحرد حرد الحية المغلّه |
أي : بقصد قصدها.
والثاني : هو المنع ، يقال : أحردت السنة ؛ إذا قحطت وذهبت بركتها.
والثالث : الغضب ، فغدوا على حرد قادرين ، أي : على غضب على الفقراء.
وقوله : (قادِرِينَ).
أي : قادرون عليها في أنفسهم.
ولقائل أن يقول بأن في هذه الآية دلالة تقدم القدرة على الفعل ؛ لأنه أثبت لهم القدرة قبل الفعل ، ولكن هذه القدرة ليست هذه قدرة الأفعال ، وإنما هي قدرة الأسباب والأحوال.
__________________
(١) قاله ابن جريج أخرجه ابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٣٩٥).
(٢) سقط في ب.
(٣) قاله ابن جرير (١٢ / ١٩١) وعن ابن عباس وقتادة بنحوه ، وانظر الدر المنثور (٦ / ٣٩٦).
(٤) في ب : في المشي.
(٥) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٤٦٤٦) و (٣٤٦٤٧) وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٣٩٦) وفي الطبري : أسسوه ، بدل : استثنوه.