إِنَّا كُنَّا طاغِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ).
ففي هذا إتمام التوبة ، ففيه أنهم أظهروا الندامة على ما سبق منهم من أوجه ثلاثة :
مرة بما وصفوا أنفسهم بالظلم.
ومرة بما لاموا أنفسهم.
ومرة بما وصفوا أنفسهم بالطغيان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها).
أي : يبدلنا خيرا منها إذا تبنا ، وأنبنا إلى ربنا ؛ لأنه لا يجوز أن يتوقعوا خيرا منها وهم مصرون على ذنوبهم ؛ إذ قد عرفوا أنهم إنما حرموا بركة الثمار بما ارتكبوا من الذنوب ؛ فثبت أن معناه ما ذكرنا.
ويحتمل أن يكون هذا في الآخرة يقولون : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها) في الآخرة إذا تبنا وأنبنا إليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ).
إلى ما عند ربنا من العطايا والمنن لراغبون.
أو إلى ما وعد ربنا للتائبين من الذنوب لراغبون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ الْعَذابُ).
كأنه يخاطب أهل مكة أن كذلك العذاب في الدنيا في أن يأخذ أهله آمن ما كانوا ، أو أغفل ما كانوا ، كما أخذ أصحاب الجنة عند الأمن ؛ إذ كان عندهم أنهم يقدرون على صرم تلك الثمار ولا يأخذهم (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
ففي هذا إيجاب العذاب على من لم يعلم بالعذاب ولم يؤمن به ؛ لأنهم لم يؤمنوا بعذاب الآخرة ولا علموا به ، ثم أوجب لهم العذاب وإن لم يعلموا ولم يعذروا بالجهل ؛ لأنهم قد وقفوا على السبب الذي لو تفكروا لعلموا بالعذاب ولأيقنوا به ، وفي هذا حجة لأن (٢) لا عذر لمن تخلف عن التوحيد والإيمان بالله تعالى وإن جهل ، إلا أن يكون جهله (٣) جهل خلقة ؛ لأن الذي أفضى به إلى الجهل هو التقصير في الطلب ، وإلا لو لم
__________________
(١) في أ : يفوتها.
(٢) في ب : أن.
(٣) في ب : يجهله.