راجعا إلى أهل النفاق ، والتأويل الأول إلى أهل الكفر الذين أظهروا التكذيب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ) ، أي : العذاب حسرة عليهم يوم القيامة ؛ لأنه شافع مشفع لمن اتبعه وعمل بما فيه ، وما حل ، مصدق لمن نبذه وراء ظهره ولم يعمل به ، فهو حسرة عليهم ؛ لأنه يخاصمهم ، فيخصمهم ويشهد عليهم ، فيصدق في شهادته.
أو يذكرون يوم القيامة معاملتهم بالقرآن ، فيندمون عليه ، ويزيدهم حسرة ؛ لأنهم كانوا إذا تلي عليهم القرآن في الدنيا ازدادوا عند تلاوته ضلالا وكفرا ، وازدادوا به رجسا إلى رجسهم ، كما قال [الله تعالى](١) : (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة : ١٢٥] ، وهو ليس بسبب لازدياد الرجس ، ولكنهم كانوا يحدثون زيادة تكذيب وضلال عند التلاوة ؛ فأضيفت الزيادة إلى القرآن ؛ إذ كان القرآن هو الذي يحملهم على زيادة التكذيب ؛ فهذه المعاملة تزيدهم حسرة يوم القيامة ؛ فأضيفت إلى القرآن ؛ إذ كان القرآن هو الذي عنده وقعوا فيه ، كما أضيف الرجس إليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) ، والأصل : أن الحق اسم لما يحمد عليه ، فحقه أن ينظر فيما تستعمل هذه اللفظة ، فيصرفها إلى أحمد (٢) الوجوه ، فإذا استعملت في الإخبار أريد بها الصدق ؛ نحو أن يقال : «هذا خبر حق» ؛ أي : صدق ، وإذا استعملت (٣) في الحكم أريد بها : العدل ، وإذا استعملت في الأقوال والأفعال ، أريد بها : الإصابة (٤) ؛ فقوله (٥) : (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) أي : صدق ويقين أنه من رب العالمين ، فهو صلة قوله ـ عزوجل ـ : (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وقوله ـ عزوجل ـ (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قيل : صلّ.
وقيل : اذكره بالاسم الذي إذا سميت كان تسبيحا ، أي تنزيها عن كل ما قالت فيه الملاحدة ، وما نسبت (٦) إليه مما لا يليق به ، والله الهادي [وعليه التكلان](٧).
* * *
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في أ : أحد.
(٣) في ب : استعمل.
(٤) في أ : الإضافة.
(٥) في ب : قوله.
(٦) في ب : نسب.
(٧) سقط في ب.