وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا إِنَّها لَظى. نَزَّاعَةً لِلشَّوى) الآية ، فاللظى : اسم من أسماء النار ، والشوى : قيل (١) : [هي](٢) مكارم خلقه.
وقيل (٣) : هي القوائم والأطراف.
وقيل : هي الجلود.
والأصل أن نار جهنم تعمل على أصحابها كل قبيح وكل مستشنع مستفظع ، فإن شئت صرفت ذلك إلى الأرجل ، وإن شئت إلى الجلود ، وإن شئت إلى مكارم خلقه الأخلاق (٤) ؛ لأن التقبيح في كل ذلك موجود ، وهو كقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [النساء : ٥٧] فقيل في تأويل المطهرة وجوه.
إحداها : أنهن مطهرات من العيوب والآفات ، [وجملته](٥) : أنه ما من شيء يستحسن ويستقبح من خلق أو نفس أو معاملة إلا وهن مطهرات من ذلك ، وما من شيء يستشنع ويستفظع إلا وذلك في أهل النار موجود.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) فجائز أن يكون الدعاء منها على التحقيق ، وهو أن يجعل الله تعالى [لها] باللطف لسانا تدعو به ، أو يخلق فيها الكلام من غير لسان ، فتقول : إليّ ، إليّ.
وجائز أن يكون [هذا](٦) على التمثيل ، وهو أنها لا تدع أحدا يفر عنها ، ويتخلص من عذابها ، فكأنها دعته إلى نفسها.
ثم قوله ـ عزوجل ـ : (مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) جائز أن يكون قوله : (مَنْ أَدْبَرَ) ، أي : من كان أدبر في الدنيا [عن](٧) طاعة الله تعالى ، وتولى عن الإجابة لرسله ؛ كقوله تعالى : (تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) [النجم : ٢٩] أي : أعرض.
أو (٨) أدبر عن توحيده ، وتولى عن النظر في حجته ، وفيما جاء من عنده.
ويحتمل قوله : (أَدْبَرَ) ، أي : أدبر عن طاعة الله ـ عزوجل ـ ، (وَتَوَلَّى) أي : تولى الشيطان ، من الولاية.
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٤٨٩٢) ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤١٨).
(٢) سقط في ب.
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤١٩) وهو قول أبي صالح أيضا.
(٤) كذا في أ.
(٥) سقط في ب.
(٦) سقط في ب.
(٧) في ب : من.
(٨) في ب : و.