وأنواع القرب ، لم تلحقهم اللائمة كما يلام (١) من يمنع آخر عن طاعة الله تعالى ، وإذا استمتعوا بملك النكاح وملك اليمين ، لم يبلوا بالزنى ؛ فتلحقهم اللائمة بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) العادي : هو الظالم في الحقيقة ؛ يقال : عدا فلان على فلان ؛ إذا ظلمه ، فهم عادون (٢) ؛ حيث ظلموا أنفسهم فوضعوها في موضع لم يؤذن لهم بالوضع فيها.
وقال الحسن : هم العادون حيث عدوا من الحلال إلى الحرام.
وفي هذه الآية دلالة (٣) تحريم المتعة ؛ لأنه أخبر أن من ابتغى وراء ملك اليمين وملك النكاح ، فهو إذن من العادين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) فالأمانات لها وجهان :
أحدهما : ما ائتمن الله ـ عزوجل ـ عباده على ما له من الحقوق عليهم.
والثاني : ما ائتمن بعضهم بعضا على الحقوق والعهود التي تجري بين الخلق من الذمم ، والنذور ، وغير ذلك ؛ فيدخل فيه كل أمانة بين العبد وبين ربه ، وبينهم وبين الخلق ، وكل عهد أخذ عليهم ؛ من نحو قوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة : ١] ـ قيل في التأويل : العهود ـ ثم بين ذلك فقال : (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ..). الآية [المائدة : ١٢] ، والعهد الذي أعطينا للمعاهدين (٤) ، فكل ذلك داخل تحت الآية ، وقد يدخل معنى الأمانة في العهد والعهد في الأمانة ، وقد يجوز أن يقع بينهما فرق ، والله أعلم.
[وقوله ـ عزوجل ـ :](٥)(وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) أي : يقيمونها لله تعالى كقوله : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) [النساء : ١٣٥] ، أو قائمون بالوفاء بما عليهم من الشهادة ، فيقومون لها ، أحبوا أو كرهوا ، ضرهم ذلك أو نفعهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) محافظة الصلاة إقامتها في أوقاتها بشرائطها ، والذي يحملهم على المحافظة ما يخشون الله تعالى ، ولما جعلت تكفيرا لسيئاتهم ؛ فيرغبون في إقامتها ؛ تكفيرا عن سيئاتهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) في الآية إبانة أن من يكرم بالجنان هؤلاء.
__________________
(١) في أ : لا يلام.
(٢) في ب : معادون.
(٣) في ب : دليل.
(٤) في ب : المعاهدين.
(٥) سقط في ب.