ألا يقبل منه ويرد عليه ، أو يخاف أن يكون قد قصر عن شكر كثير من النعم ، وغفل عنها.
والأصل أنه ما من أحد ينظر في أمره وحاله إلا وهو يرى على نفسه من الله تعالى نعما لو أجهد نفسه ليقوم [بشكر واحد](١) منها لقصر عن ذلك ، ولم يتهيأ له القيام بوفائها ، فمن كان هذا وصفه ، فأنى يقع له الأمن من عذابه ، ويوجد (٢) منه الوفاء بالأسباب التي يؤمن بها إلا أن يكون من الخاسرين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) ، ذكر حفظ الفرج ، ولم يذكر بم يحفظ؟ [وحفظه يكون](٣) بخصال :
أحدها : أن يسكن في قلبه جلال الله وهيبته ، ويخشى عقابه في المعاد.
والثاني : بما جعله [الله](٤) سببا للتعفف ، من النكاح وملك اليمين ؛ فيمنعه ذلك عن الزنى ويحفظ الفرج.
والثالث : يجيع بطنه بالصيام كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من لم يقدر على الباه فليصم ؛ فإن الصوم له وجاء».
والرابع : بما يترك النظر إلى النساء ولا يخلو بهن ، ويدع مجالسة الفجار وأهل الريبة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) ولو لم يقل (٥) : (غَيْرُ مَلُومِينَ) ، لكنا نعلم بقوله : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أنهم لا يلامون ؛ لأنه قد أباح لهم الاستمتاع بمن ملكت أيمانهم (٦) ومن كان تحتهم بملك النكاح ، ولا يجوز أن تلحق اللائمة باستعمال المباح المطلق ، ولكن فيه فوائد :
أحدها : أن من الناس من يحرم الاستمتاع بملك النكاح وملك اليمين ، فيخبر أنهم عند من اعتقد الإيمان بالرسل غير ملومين ، وإنما يلومهم (٧) من أنكر الرسالة ، وهم (٨) الثنوية والبراهمة.
وجائز أن يكون معناه : أنهم وإن منعوا النساء عن الجماع بما هو خير لهم من الصيام
__________________
(١) في ب : يشكرها أو بواحد.
(٢) في أ : ويؤخذ.
(٣) في ب : ممكن.
(٤) سقط في ب.
(٥) زاد في ب : إنهم.
(٦) زاد في ب : أنهم لا يلامون.
(٧) في أ : يلزمهم.
(٨) في ب : وهو.