وأما المحروم فقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن المحروم ، فقال : «المحروم هو الذي لا يثمر نخله ، ويثمر نخل الناس ، ولا يزكو زرعه ، ويزكو زرع الناس ، ولا تلبن شاته وتلبن شاة الناس» فعنوا بالمحروم هذا : أنه حرم بركة ماله.
وفي هذا [الخبر](١) دليل على أن المرء لا يصير غنيّا بملك النخيل والأرض.
وجائز أن يكون المحروم هو الذي حيل بينه وبين وجوه المكاسب ، فمن كان حاله هكذا كان علينا أن نتعاهده ونقوم بكفايته.
وقال الحسن : المحروم هو الذي يتعفف عن السؤال وإن هلك ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) فيوم الدين هو يوم الجزاء ويوم الحساب ، فكل من عرف الجزاء وآمن به لم يجزع بما يصيبه ، ولا منع الحق الذي طلب منه ، ولم يوصف بأنه هلوع ، وإنما الهلوع هو الذي يكذب بيوم الدين ، كما قال : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) [الماعون : ١ ، ٢] [فأخبر أن الذي يدع اليتيم](٢) ولا يحض على طعام المسكين هو الذي لا يؤمن بالآخرة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) ، أي : خائفون ، وجلون ، وهم الذين قال ـ عزوجل ـ في آية أخرى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) [المؤمنون : ٦٠].
وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقيل [له](٣) : أهم الذين يسرقون ويزنون ويعملون بالمعاصي؟ فقال : «لا ، بل هم الذين يصومون (٤) ويصلون ويؤتون الزكاة» ، أو كما قال بلفظه عليهالسلام.
ووجلهم هو أنهم يخافون ألا يقبل منهم حسناتهم.
أو يخافون أن يكونوا قصروا عن الوفاء بشكر النعم ، أو (٥) غفلوا عن شكر كثير منها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) فهذا هو الحق ألا يأمن أحد من عذابه [وإن دأب في عبادته واجتهد في طاعته ؛ لما لا يدري](٦) على ما ذا يختم أمره؟ أو يخاف
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : يقومون.
(٥) في ب : و.
(٦) في ب : وإن كان في عبادته مجدّا ، مجتهدا ، مطيعا ، لما لا ندري.