قالوا : وتصديقه أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا إذا صلوا صلاة داموا عليها ، [وكانوا يقولون : «خير العمل](١) أدومه وإن قل».
وأصله : أن الله تعالى قال : (وَأَقامُوا) [البقرة : ٢٧٧] ، والإقامة على الشيء هي الدوام عليه ؛ لأنه إذا فعل الشيء مرة ثم تركه ، لم يوصف بالإقامة عليه ؛ فقوله : (دائِمُونَ) و (يُقِيمُونَ) [المائدة : ٥٥] يقتضي معنى واحدا ؛ فيكون فيه إبانة أن الصلاة يلزم فعلها مرة بعد مرة ، وليست كالفرائض التي إذا أديت مرة ، سقطت ؛ من نحو الجهاد ، والحج.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) قيل (٢) : هو الزكاة ، ذكر ذلك عن قتادة وغيره.
وقال أبو بكر : هذا غير محتمل ؛ لأن هذه الآية (٣) مكية ، وإنما فرضت الزكاة عليهم بعد هجرتهم إلى المدينة.
ولكن ليس فيما ذكره (٤) دفع لهذا التأويل ؛ لأنه يجوز أن تكون الزكاة لم تفرض عليهم ؛ لما لم يكونوا أصحاب أموال ؛ لأن الزكاة لم تكن مفروضة في الجملة ، وبين الوجوب إذا استفادوا الأموال ؛ ألا ترى أن الفقير قد يعلم إيتاء الزكاة من المال وإن لم يكن له مال ؛ ليقوم بأدائها إذا صار من أهلها ؛ فقوله : (حَقٌّ مَعْلُومٌ) أي : أعلمه الله تعالى في أموالهم ، فلزمهم إخراجه ، ثم بين أن خروجهم مما لزمهم من حق الله تعالى في أموالهم بالدفع [إلى السائل والمحروم](٥).
وجائز أن يكون ذلك الحق المعلوم هو حق القرابة وغيره.
ومن ذكر أن هذا الحق غير الزكاة ، قالوا : إنهم كانوا أعلموا في أموالهم حقّا ، فجعلوا طائفة (٦) منها للسائل ، وطائفة للمحروم ؛ لذلك سماه : حقا معلوما.
ويحتمل أن يكون في ذلك الوقت شيئا معلوما مفروضا عليهم في أموالهم نسخته آية الزكاة ، ولم يذكر لنا ذلك ؛ لعدم حاجتنا إليه (٧).
ثم السائل معروف ، وهو الذي يسأل.
__________________
(١) في ب : وكان يقال : خير الأعمال.
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٤٩١٦ ، ٣٤٩١٧).
(٣) في أ : الآيات.
(٤) في ب : ذكر.
(٥) في ب : إلى الفقير السائل المحروم.
(٦) في أ : فجعله لطائفة.
(٧) في أ : إلى معرفة.