وما (١) المنفعة لهم في طعنهم عليك [سوى استحقاقهم](٢) المقت والهلاك بذلك من الله تعالى ، وما يرجون بإعراضهم عن تصديقك بعد ما رأوا الآيات.
ومن حمله (٣) على النظر ، فمعناه : أنهم كانوا يجلسون من بعيد ، فينظرون (٤) إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ويطعنون عليه بالسحر والافتراء ، وأنه من [أساطير الأولين ، فيمكرون](٥) بمن يقتدي برسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن يعاديه (٦) من الكفرة.
فإن كان على هذا فتأويله كأنه يقول له (٧) : يجلسون من البعد (٨) ناظرين إليك ، ولا يدنون منك ؛ ليستمعوا ما أنزل إليك فينتفعوا به ، لكنهم متفرقون (٩) عن اليمين وعن الشمال ، يصدون الناس عن مجلسك ، وقد علموا أن لهم إلى من يعلمهم الكتاب والحكمة حاجة ؛ إذ ليس عندهم كتاب ولا علم بالأنباء المتقدمة ؛ ليعلموا أنك جئت بالعلم والحكمة دون السحر والكهانة.
فإن كان على هذا الوجه ؛ فالعتاب لمكان التحريف والتبديل ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) : قوله : (أَيَطْمَعُ) حرف استفهام ، وقد ذكرنا أن حرف الاستفهام ممن لا يستفهم إيجاب.
ثم اختلف في وجه الإيجاب.
فمنهم من يقول : معنى قوله : (أَيَطْمَعُ) ، أي : لا يطمع كل امرئ منهم بعبادتهم الأصنام والأوثان أن يدخلوا جنة نعيم ؛ إذ هم منكرون للبعث والجنة والنار ، ثم مع هذا ينصرون الأصنام ويعبدونها ، ويخضعون لها ، وإن كان لا طمع لهم في نصرها إلى شيء في العاقبة ، ولا يرجون منها العواقب ؛ فيكون [في](١٠) هذا ترغيب للمؤمنين على القيام بنصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنهم يطمعون في نيل الجنة والكرامة من الله تعالى والنجاة من النار بنصرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبعبادتهم لله تعالى ، كأنه يقول : إنهم [لا](١١) يطمعون نيل
__________________
(١) في ب : لما.
(٢) في أ : استحبابهم.
(٣) في أ : حمل.
(٤) في ب : وينظرون.
(٥) في ب : الأساطير ويمكرون.
(٦) كذا في أ.
(٧) في ب : لهم.
(٨) في أ : بعد.
(٩) زاد في ب : متفرقهم.
(١٠) سقط في ب.
(١١) سقط في ب.