وعن مجاهد : إلى علم ينطلقون (١).
فإن كان على الثاني ، فمعناه : أنهم يسرعون إلى إجابة الداعي في ذلك ؛ كسرعتهم إلى عبادة النصب عند خوفهم فوت عبادتها وعند اجتماع عبادها عندها لو يبتدرون (٢) نصبهم حتى يستلموها.
ومنهم من ذكر أن النصب برفع النون والصاد هي الأغراض التي يسبقون إليها ، ومن تأول هذا فهو يجعل النّصب هاهنا جمع النّصب.
وقوله : (يُوفِضُونَ) أي : يسرعون.
وقال الحسن : أي : يرملون ، وهما واحد ؛ لأن الإسراع في الرمل موجود.
وقوله ـ عزوجل ـ : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ) :
يحتمل أن يكون هذا على بصر الوجوه وصفة خشوعها [على] ما قال في آية أخرى : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] فيخشع خشوعا لا يملك صرف طرفه عن الداعي ، ففيه أن الذّلة قد أحاطت بهم حتى أثرت في الأعين والوجوه ، وفي كل عضو.
وجائز أن يكون هذا على بصر القلوب ، وهو أن قلوبهم تشتغل بإجابة الداعي عن أن تبصر لنفسها حيلة تتخلص [بها] من أهوال ذلك اليوم وشدائده.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) :
أي : تعلوهم ، والذلة : الحالة في النفس تبدو وتظهر من الأبصار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ).
حقه أن يقول : هذا اليوم الذي كانوا يوعدون ؛ لأنه أضاف إلى اليوم الذي كانوا يوعدون (٣) في الدنيا.
ولكن معناه : كانوا يوعدون ذلك اليوم في الدنيا ، وذلك اليوم في الوقت الذي كانوا (٤) يوعدون غير موجود ، فيعبر عنه بما يعبر به عن الغائب ، والله أعلم ، [وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين](٥).
* * *
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٣٤٩٧٩) ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر بنحوه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٢٢).
(٢) في أ : بتبديل.
(٣) زاد في ب : به.
(٤) في ب : كان.
(٥) سقط في ب.