لاه](١) ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) [محمد : ٣٦] ، أي : من يعمل في الحياة الدنيا للدنيا لا للآخرة فهو لاعب لاه ، وكأن هذه الآية صلة قوله تعالى : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) الآية ، أمره بألا يشتغل بأولئك ويقبل على من يرجو منهم الإيمان.
أو أمره بألا يشتغل بمكافأتهم بسوء صنيعهم ؛ فإن الله سينصره عليهم ويكافئه عنهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) قد (٢) لاقوا ذلك اليوم وهو يوم بدر ، وسيلاقون اليوم الثاني وهو يوم الآخرة.
وقوله تعالى : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً) يخبر أنهم يخرجون من الأجداث ، وهي القبور سراعا إلى الداعي ، والذي يحملهم على الإسراع هو أن أنفسهم أبت إجابة الداعي في الدنيا ؛ فنزل بهم الهلاك بتركهم الإجابة ، فيسارعون في ذلك اليوم إلى إجابة الداعي ؛ رجاء أن يتخلصوا من العذاب الذي حق عليهم بترك الإجابة ، وذلك لا ينفعهم وإن وجدت منهم التوبة والرجوع عن تلك الإجابة ؛ لأن ذلك اليوم ليس بيوم ينفع فيه الندامة والتوبة ، وإنما هو يوم تجزى فيه كل نفس بما كسبت ؛ وهذا كقوله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) [غافر : ٨٤] فأخبر أنهم يفزعون إلى الإيمان بالله تعالى لما أيقنوا أنهم إنما حل بهم البأس بإعراضهم عن الإيمان ، ففزعوا عند إيقانهم بالعذاب إلى الإيمان ؛ رجاء أن يتخلصوا من العذاب ، فلم ينفعهم ذلك ولم يغنهم من (٣) عذاب الله شيء ؛ إذ ذلك الوقت ليس بوقت قبول التوبة ، فيكون هذا تحريضا بالإسراع إلى إجابة الداعي والإيمان بما يدعو إليه قبل أن يؤمنوا إيمانا لا ينفعهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)
قرئ بنصب النون ، وجزم الصاد ، وهو اسم العلامة كالغرض وأشباهه.
وقرئ بضم النون والصاد ، وهو اسم الصنم.
فإن كان على العلامة ، فمعناه : أنهم يسارعون في ذلك الوقت إلى إجابة الداعي مسارعة من يسارع في هذه الدنيا إلى الغرض والعلامة المنصوبة ؛ كذا قاله بعض أهل التأويل.
وذكر عن الكلبي (إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) : إلى علم يسعون.
وقال قتادة : إلى علم يستبقون (٤).
__________________
(١) في ب : تحمد فيه ، وهو لاعب فيه ، لاهي.
(٢) في ب : وقد.
(٣) في ب : عن.
(٤) أخرجه عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير (٣٤٩٨٠ ، ٣٤٩٨١) ، وابن المنذر بنحوه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٢٢).