وقال بعضهم : إنما هو بيته الذي يسكن فيه ؛ لما أطلعه [الله](١) تعالى أن من دخل بيته مؤمنا لا يعود إلى الكفر.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : ثم إن أرجى الأمور للمؤمنين (٢) في الآخرة دعاء الأنبياء والملائكة ـ عليهمالسلام ـ في الدنيا ؛ لأنهم إنما يدعون بعد الإذن لهم [بالدعاء](٣) ، فلا يحتمل أن يأذن الله تعالى لهم بالدعاء ، ثم لا يجيب دعوتهم.
وذكر عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال : إن نوحا ـ عليهالسلام ـ دعا بدعوتين :
أحدهما : للمؤمنين بالاستغفار والتوبة.
والثانية : على الكفار بالبوار والتبار.
وقد أجيبت دعوته فيما دعا على الكفرة ؛ فلا يجوز أن يجاب في شر الدعوتين ، ثم لا يجاب في خير الدعوتين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) قيل : كسرا وذلا وصغارا ؛ فإنه مشتق (٤) من التبر ، وكل مكسور يقال له : تبر ؛ فكأنه يقول : اكسر منعة الظالمين وشوكتهم ؛ فإن كان التأويل هذا فهو يقع على جميع الظلمة من (٥) كان في وقته ومن بعده.
وقيل : التبار : الهلاك ؛ فإن كان هذا معناه فهو على ظالمي زمانه ؛ إذ لا يجوز للأنبياء ـ عليهمالسلام ـ أن يدعوا على قوم إلا أن يؤذن لهم (٦) بالدعاء عليهم ، وإنما جاء الإذن في حق قومه ، فأما في حق غيرهم لم يثبت ؛ فلا يجوز القول فيه إلا بما تواتر الخبر به عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والله أعلم (٧).
* * *
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : للمؤمن.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : أشفق.
(٥) في ب : ممن.
(٦) في ب : له.
(٧) في ب : والله الموفق.