آمنوا به ، وتبرءوا عن (١) مقالتهم المتقدمة.
وقد يحتمل غير ما ذكره عنهم أبو بكر من التأويل ، وهو أن القوم كانوا أنشئوا على الهدى والإيمان ؛ فكانوا يظنون أن الجن والإنس على الهدى ، وأنهم لا يكذبون على الله تعالى حتى ظهر عندهم كذب [الإنس والجن](٢) بقولهم : إن لله ولدا وصاحبة.
وجائز أن يكون معناه : إنا كنا نظن ألا تسخو نفس أحد من الممتحنين بالكذب على الله تعالى بما أراهم الله تعالى قبح الكذب ، وقرر عندهم بالحجج والأدلة تنزيهه عن اتخاذ الأولاد والصاحبة ؛ حتى ظهر عندهم ذلك بما أظهروه بألسنتهم.
ثم الذي يدل على أن التأويل الذي ذكره أبو بكر ليس بمحكم : أنه قد كان في الجن والإنس مصدق يصف الله تعالى بالتنزيه ، وقد كان فيهم من يقول بالولد والصاحبة ؛ ألا ترى إلى قوله حكاية عنهم : (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) [الجن : ١٤] ، وإلى قوله : (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) [الجن : ١١] ، ولا يحتمل أن يقع عندهم أن الفريقين جميعا على الصواب ، ولكن كان في ظنونهم أن القوم جميعا على الهدى على ما هم عليه ، فلما (٣) تبين عندهم الكذب من أولئك قالوا هذا القول والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً).
[ذكر أن الإنس](٤) ، هم قوم من العرب كانت إذا نزلت بواد استجارت بسيد الوادي ، وقالت : نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه.
ثم اختلف بعد هذا :
فمنهم من ذكر أنهم [كانوا](٥) يجيرونهم.
ومنهم من زعم أنهم كانوا لا يجيرونهم (٦) ، وكان ذلك يزيد في رهق الإنس من الجن.
وقالوا : الرهق : هو الخوف ، والفرق (٧) ؛ كذلك (٨) روي عن أبي رءوف.
ومنهم من يقول : هو الذلة والضعف ، [فكانوا يزدادون الضعف](٩) والذلة والخوف
__________________
(١) في ب : من.
(٢) في ب : الجن والإنس.
(٣) في ب : فإذ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.
(٦) في أ : يخبرونهم.
(٧) هو قول الربيع بن أنس وابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنهما (٣٥٠٨١ ، ٣٥٠٨٢).
(٨) في ب : كذا.
(٩) سقط في ب.