لا أن جعلوا رصدا من الجن.
وجائز أن يكونوا أرسلوا معه ؛ لمكان تعظيم الوحي ، وتشريف الرسالة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ) :
قال قائلون : ليعلم محمد بالرصد : أن قد بلغ سائر الرسل رسالات ربه على الوجه الذي أمروا كما بلغ هو.
والثاني : أن يعلم كل في نفسه : أن قد أبلغ رسالات ربه.
أو ليعلم الأعداء أن قد أبلغ محمد ـ عليهالسلام ـ رسالات ربه على الوجه الذي أمر ، لم يقع فيه تغيير من شيطان ، ولا جني ، ولا عدو.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ).
أي : بما عند [الرسل ، أو](١) بما عند الملائكة ، أو بما عند الخلق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) أي : أحاط العلم بالذي هو معدود ، لا بالعد ، وهو كقوله : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) [الحجر : ١٩] ، أي : ما يوزن عند الخلق.
أو أحاط العلم بما لدى الكفرة لا بالرصد ، وأن في نصب الرصد محنة وتكليفا على الرصد ، لا أن يقع بهم الحفظ ، وهو كقوله ـ عزوجل ـ : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [آل عمران : ١٢٥ ، ١٢٦] ، فبين أن النصر من عنده ، وأن الملائكة إنما أرسلت ؛ لتطمئن بها قلوب المؤمنين ، وتركن إليها طباعهم.
(وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) ، أي : كل شيء عنده [معدود ومحصى](٢) ، لا يغفل (٣) ـ جل جلاله ـ عن معرفة عدده ، ولا يعتريه أحوال يعزب عنه فيها علم ذلك ، خلافا لما عليه أمر الخلق ، والله الموفق ، [وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين](٤).
* * *
__________________
(١) في أ : الرسول و.
(٢) في ب : محصى معدود.
(٣) في أ : يفضل.
(٤) سقط في ب.