بقوله : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ) [البقرة : ٢٠١] ، فبين أن الاتقاء أن يفزع إلى الله تعالى ، ويتضرع إليه ؛ ليتقي بفضله ورحمته ، وقال : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر : ٦] ، فأمرنا ـ جل جلاله ـ بالمناصبة مع الشيطان ؛ للمحاربة ، وأخبر أن محاربته أن نفزع إلى الله ـ تعالى ـ بالاستعاذة بقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) [الأعراف : ٢٠٠] ، وقال في آية أخرى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ ..). الآية [المؤمنون : ٩٧] ، فهو أهل أن يطلب منه ما يتقي به ، وأهل أن يستعاذ به ؛ لدفع كيد العدو.
(وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) ، أي : أهل أن يطلب منه المغفرة ، جعلنا الله ـ تعالى ـ من أهل التقوى والذين من عليهم بالمغفرة.
وقال بعضهم (١) : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) ، أي : هو أهل أن يتقي عنه ، وأهل أن يغفر لمن اتقاه ، والله المستعان.
* * *
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٥٥٢٣ ، ٣٥٥٢٤) ، وعبد بن حميد وابن المنذر عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٦١).