في قراءة ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : وأيقن أنه الفراق.
وجائز أن يكون على حقيقة الظن ؛ لما لم يقع له الإياس من حياته بعد ، فهو يأملها بعد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) :
اختلفوا في تأويله :
قيل (١) : لفت ساقاه إحداهما على الأخرى ؛ فلا يفترقان ؛ كالتفاف الأشجار حتى لا يجد نفاذا فيها ولا هربا.
وقيل : إن ساقيه في القيامة لتضعف عن حمله (٢) ؛ من شدة الفزع.
وقيل (٣) : أريد بالساق : الشدة ، يقال : قامت الحرب على ساق ؛ أي : على شدة ؛ أي وصلت شدة الموت بشدة الآخرة ، واجتمعت شدة الدنيا مع شدة الآخرة عليه ؛ لأنه قد حل به سكرات الموت ، ونزلت به شدائد الآخرة ، وذلك آخر يومه من الدنيا وأول يومه من الآخرة.
وقيل : ما من ميت يموت إلا التفت ساقاه من شدة ما يقاسي من الموت.
وقال بعضهم (٤) : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) ، معناه : أن الملائكة يجهزون روحه ، وبني آدم يجهزون بدنه ، فذلك التفاف الساق بالساق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) :
أي : إلى ما وعد ربك يومئذ يساق : إما إلى خير ، وإما إلى شر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلا صَدَّقَ) ، أي : فلا صدق بما جاء من عند الله تعالى من الأخبار ، ولا صدق رسوله صلىاللهعليهوسلم.
(وَلا صَلَّى) يحتمل أن يكون أريد به نفس الصلاة ، وذلك أن الصلاة حببت إلى الأنفس كلها حتى لا ترى أهل دين إلا وقد حببت الصلاة إليهم ؛ فيكون في قوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) إبانة سفهه وجهله.
أو يكون قوله : (وَلا صَلَّى) ، أي : ولا أتى بالمعنى الذي له الصلاة ، وهو الاستسلام
__________________
(١) قاله الحسن أخرجه ابن جرير (٣٥٧٠٥ ، ٣٥٧٠٧) ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٧٨) ، وهو قول الشعبي ، وأبي مالك ، وقتادة.
(٢) في ب : حمل نفسه.
(٣) قاله ابن عباس بنحوه أخرجه ابن جرير (٣٥٦٨٦ ، ٣٥٦٨٨) ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٧٨) ، وهو قول مجاهد والحسن وقتادة وغيرهم.
(٤) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير (٣٥٦٩٥) وعبد بن حميد عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ٤٧٨).