فملأ السموات والأرضين وكل شيء ؛ حتى انشقت السموات ، وتناثرت النجوم ، وبست الجبال.
ومعناه : أن هول ذلك اليوم قد عم وفشا في أهل السموات والأرض ؛ حتى خافوا على أنفسهم.
وقيل : سمي : مستطيرا ، أي : طويلا ، ويقال : استطار الرجل ؛ إذا اشتد غضبه ، واستطار الأمر ؛ أي : اشتد ؛ فسمي : مستطيرا ، أي : شديدا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) :
فالحب يتوجه إلى معان : يتوجه إلى الإيثار مرة ، وإلى ميل النفس وركون القلب أخرى ، ومرة يعبر به عن الشهوة ؛ فالمراد من الحب هاهنا : الشهوة ؛ فيكون قوله ـ عزوجل ـ : (عَلى حُبِّهِ) ، أي : على شهوتهم وحاجتهم إليه.
وقيل : ويطعمون في حال عزة (١) الطعام.
وقيل (٢) : أي : يطعمون الطعام على حبهم لها وحرصهم عليها ، ليس أن يطعموا عند الإياس من الحياة ، على ما روي في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل العيش ، وتخشى الفقر».
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) :
[قيل : إنهم لم يتكلموا بهذا اللفظ ، أعني : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ)](٣)(لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) الآية ، ولكن علم الله تعالى ذلك من قلوبهم ؛ فأثنى عليهم بذلك ؛ ليرغب في ذلك الراغبون ؛ ألا ترى أنهم كانوا يطعمون الأسارى ، ولا يطمع من الأسارى المجازاة والشكر ؛ ليعلم أنهم لم يقصدوا بها إلا وجه الله تعالى والتقرب إليه ، والمجازاة : هي المكافأة لما أسدي إليه ، والشكر : هو الثناء عليه والبشر عنه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) :
فمنهم من جعل هذا نعتا لذلك اليوم ؛ فيكون معناه : أن هذا اليوم ـ وهو يوم القيامة ـ من بين سائر الأيام كالإنسان العبوس من بين غيره.
ومنهم من صرفه إلى الخلائق ؛ فيكون معنى قوله تعالى : (يَوْماً عَبُوساً) ، أي : يوما تعبس فيه وجوه الخلائق ؛ لا أن يكون اليوم بنفسه عبوسا ، وهو كقوله تعالى : (وَالنَّهارَ
__________________
(١) في ب : غيرة.
(٢) قاله مقاتل بن سليمان أخرجه ابن جرير (٣٥٧٧٨).
(٣) سقط في ب.