مُبْصِراً) [يونس : ٦٧] ، أي : يبصر فيه ، وتقول العرب : «ما زال الطريق (١) يمر منذ اليوم» ؛ على معنى : يمر الناس فيه ؛ فيرجع هذا إلى وصف ما يكون عليه ذلك اليوم ، على ما ذكرنا : أن الله تعالى ذكر اليوم بالأحوال التي يكون عليها (٢) حال ذلك اليوم ، فمرة قال : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) [الحج : ٢] ، ومرة قال : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) [القارعة : ٤] ، وغير ذلك من الآيات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَمْطَرِيراً) ، قيل : شديدا.
وقيل (٣) : القمطرير : الذي يقبض الوجه بالبسور والعبوسة ، ويزوي ما بين العينين.
وقيل : القمطرير : المشوه على أهل النار.
وقيل : القمطرير : هي كلمة من كتب الأولين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) :
جائز أن تكون الوقاية منصرفة إلى الموعود في ذلك اليوم من العقوبة والنكال ، لا أن يكونوا وقوا من هول ذلك اليوم فلا يرون الجحيم ولا أهوالها.
وجائز أن يكون وقاهم عما كانوا يخافون من التبعة لدى الحساب ، كقوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقة : ٢٠] ؛ فكأنهم يخافون على أنفسهم المناقشة في الحساب ، فإذا رأوا سيئاتهم مغفورة ، وحسناتهم متقبلة ، سروا بذلك ، ووقوا شره.
وجائز أن يكونوا أومنوا من أهوال القيامة وأفزاعها حين نشروا من القبور ، وبلغتهم الملائكة بالبشارة ، كما قال : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠١].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) :
فالسرور عبارة عن انتفاء الحزن عنهم ، والنضرة : أثر كل نعيم (٤).
وقيل (٥) : نضرة في وجوههم ، وسرورا في قلوبهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) ، أي : على الطاعات ، وصبروا عن معاصي الله تعالى.
__________________
(١) في ب : الطير.
(٢) في ب : عليهم.
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير (٣٥٧٩٩).
(٤) في أ : غم.
(٥) قاله ابن عباس أخرجه ابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٤٨٥) وهو قول الحسن وقتادة ومجاهد.