(جَنَّةً وَحَرِيراً) :
أي : جزاهم جنة ، وجزاهم حريرا ، فذكر الحرير ؛ لأن الجنان إنما تذكر في موضع التطرب والتنعم بالمآكل والمشارب دون التنعم باللباس ؛ فوعد لهم اللباس من الحرير ، مع ما جزاهم الجنة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) ، يذكر تفسيرها بعد هذا ، إن شاء الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) :
لأنه لا شمس فيها ولا زمهرير ؛ بل يكون ظلها دائما ممدودا ؛ فجائز أن يكون المراد منه : أن ضياء الجنة ليس بالشمس ، ولكن بما خلقت مضيئة ؛ لأن الشمس في الدنيا يقع بها الضياء ؛ فيكون ضياء النهار بالشمس.
وذكر أنهم لا يرون فيها الزمهرير ؛ ليعلم أن لذاذة شراب الجنة وبرودته بالخلقة ، لا أن تكون برودته بتغير يقع في الأحوال على ما يكون عليه شراب أهل الدنيا.
أو يكون ذكر هذا ؛ ليعلموا أنهم لا يؤذون بحرّ ولا برد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) :
جائز أن يراد به : أنها دانية من هؤلاء الذين سبق نعتهم ، وهم الأبرار ، كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦].
أو ذكر أن ظلالها دانية ؛ لأنها لو لم تكن دانية ، لكان لا يقع لهم بها انتفاع.
وقيل : هي ظلال غصون الأشجار قريبا منهم ؛ لأن للجنة نورا يتلألأ ؛ فيقع بالأشجار ظلال ؛ على ما جاء في الخبر أنه لو ألقي سوار من الجنة في الدنيا ، لأضاءت الدنيا ، ويغلب ضوؤها ضوء الشمس» ، ويجوز (١) ذلك ؛ فتقع الأشجار فيها ضلال ؛ كما يشتهونه في الدنيا ليس ذلك على شمس [ولا](٢) قمر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) :
جائز أن يكون أريد بالتذليل : التليين ، أي : لينت ؛ فلا يرد أيديهم عنها شوك.
وقيل : إن أشجارها ليست بطوال لا تنال ثمارها إلا بعد عناء وكد ؛ بل قريبة من أربابها ، يقال : حائط ذليل ؛ إذا لم يكن عاليا في السماء.
__________________
(١) في ب : ونحوه.
(٢) في ب : أو.