وقيل : أحضرت الرسل ؛ ليشهد كل واحد منهم على قومه الذين بعث إليهم ؛ كما قال [الله](١) تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) [النحل : ٨٩].
وقيل : (أُقِّتَتْ) أي : وعد لهم بيان حقيقة ما إليه دعوا من وقوع ما أوعدوا قومهم الذين تركوا إجابتهم من العذاب ، ووعد لهم الوصول إلى من آمن بالله تعالى وأجاب الرسل فيما دعوهم إليه من الثواب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) :
(أُجِّلَتْ) و (أُقِّتَتْ) واحد ؛ لأن في التأجيل توقيتا ، وفي التوقيت تأجيلا ، ثم بين وقت حلول الأجل ـ أجل العذاب ـ بقوله ـ عزوجل ـ : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) ، أي : ليوم الحكم والقضاء ، قال الله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى) [طه : ١٢٩] ، وقال : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) [فصلت : ٤٥].
فجائز أن تكون الكلمة التي سبقت منه هي تأخير الجزاء إلى يوم البعث ؛ فجعل ذلك يوم الجزاء ؛ وذلك يكون بالمعاينة ، وجعل هذه الدار دار محنة وابتلاء ، وذلك يكون بالحجج والبينات ؛ فكأنه قال : لو لا ما سبق من كلمة [الله ـ تعالى ـ من تأخير الجزاء والعذاب ، وإلا كان العذاب واقعا بهم في هذه الدنيا بالتكذيب.
ويحتمل وجها آخر : وهو أن الله ـ تعالى ـ أخر](٢) الجزاء والعقاب إلى اليوم الذي يجمع فيه الأولين والآخرين ، وقدر في هذه الدنيا خلق هذا البشر على التتابع إلى ذلك اليوم ؛ إذ ذلك اليوم هو الذي يوجد (٣) فيه الجمع ، والله أعلم.
وسمى يوم الفصل لهذا أنه يوم القضاء والحكم ، ولأنه اليوم الذي يظهر فيه مثوى أهل الشقاء وأهل السعادة ، ويفصل بين الأولياء والأعداء ويفصل بين الخصماء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) :
أي : لم تكن تدري ، فدراك الله تعالى ؛ ذكر هذا : إما على التعظيم والتهويل لذلك اليوم ، أو على الامتنان على رسوله ـ عليهالسلام ـ باطلاعه عليه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) :
في هذا دليل على أن الوعيد المذكور على الإطلاق منصرف إلى أهل التكذيب ، ثم لم
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : يؤخذ.