وكذلك (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) ؛ فإنها سبب لذلك (١) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عُذْراً أَوْ نُذْراً) :
أي : عذرا من الله ـ تعالى ـ وهو أن الله ـ تعالى ـ أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، وبين الحجج ؛ حتى لم يبق لأحد على الله حجة بعد ذلك ، فهذا هو الإعذار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَوْ نُذْراً) ، أي : أنذرهم ، ولم يعجل في إهلاكهم ؛ بل بين لهم ما يتقى ويجتنب ، وما يندب إليه ويؤتى ، فهذا هو الإنذار على تأويل الرياح ما ذكرنا : أنها مذكرات نعم الله تعالى ونقمته ؛ فيكون في ذلك إيجاب ذكر المنعم والمنتقم ؛ فيكون في ذلك إعذار وإنذار ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ).
فهذا موضع القسم بما ذكر من المرسلات إلى آخرها.
ثم إن كان الموعود هو البعث ، فمعناه : إن الذي توعدون به من البعث لكائن ، وإن كان على الجزاء والعقاب ، فتأويله : إن ما توعدون (٢) به من العذاب لنازل (٣) بكم ؛ فتكون الآية في قوم علم الله ـ تعالى ـ أنهم لا يؤمنون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ).
فكأنه ـ والله أعلم ـ لما نزل قوله تعالى : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن وقت وقوعه متى يكون؟ فنزلت : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) ، فأشار إلى الأحوال التي تكون يومئذ ، لا إلى نفس الوقت ، فقوله : (طُمِسَتْ) ، أي : ذهب ضوؤها ونورها ، ثم تناثرت.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) :
أي : انشقت.
(وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ).
أي : قلعت من أصلها ؛ فسويت بالأرض.
وقال الزجاج : نسفت الشيء إذا أخذته (٤) على سرعة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) ، وقرئ وقتت ، وكذلك أصله ، لكن الهمزة أبدلت مكان الواو ؛ طلبا للتخفيف ، وهو من التوقيت ، أي : جمعت لوقت.
__________________
(١) في ب : لذاك.
(٢) في أ : يدعون.
(٣) في ب : النازل.
(٤) في ب : أخذ به.