جائز أن يصرف إلى الرياح ، وإلقاء ذكرها ما ذكرنا : أنه تظهر بها النعم ، وتتذكر ، وتبين بها النجاة ، ويقع ببعضها الهلاك ، فذلك إلقاء ذكرها ، والله أعلم.
وإن صرف الكل إلى الملائكة فيحتمل أيضا :
فقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) ، أي : الملائكة الذين أرسلوا بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) ، أي : الملائكة الذين يعصفون أرواح الكفار ، أي : يأخذونها على شدة وغضب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) جائز أن يكون أريد بها السفرة من الملائكة ، سموا : ناشرات ؛ لأنهم ينشرون الصحف ، ويقرءونها.
وجائز أن يراد بها الملائكة الذين يأخذون أرواح المؤمنين على لين ورفق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) جائز أن يراد بها الملائكة ، وسميت : فارقات ؛ لأنهم يفرقون بين الحق والباطل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) هم الملائكة الذين يلقون الذكر على ألسن الرسل ، عليهمالسلام.
وإن صرف البعض إلى الملائكة والبعض إلى الرياح ، فمستقيم أيضا (١).
فتكون «المرسلات» : الذين أرسلوا بالمعروف والخير.
و «العاصفات» الريح الشديدة ، و «الناشرات» : الرياح الخفيفة السهلة.
و «الفارقات فرقا» و «الملقيات ذكرا» : هم الملائكة.
ويحتمل وجها آخر : أن يراد بقوله : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) هم الرسل من البشر الذين بعثوا إلى الخلق ، فما من رسول بعث إلا وهو مرسل بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.
وكذلك جائز أن يراد بقوله تعالى : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً. فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) هم الرسل ؛ لأنهم يفرقون بين الحق والباطل ، ويلقون الذكر في مسامع الخلق.
وجائز أن يكون قوله : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) هي الكتب المنزلة من السماء ؛ لأنها أرسلت بالمعروف وكل أنواع الخير.
وكذا قوله : (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) ، أي : ناشرات للحق والهدى ، وكذا قوله ـ عزوجل ـ : (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) ؛ لأنها تفرق بين الحق والباطل أيضا.
__________________
(١) زاد في ب : أن.