وجائز أن يكون السؤال من الكفرة للمؤمنين.
وإن كان على هذا فما ذكره أهل التفسير فهم بين مصدق ومكذب ، يراد بالمكذب الذين صدر عنهم السؤال ، ويراد بالمصدق أهل الإسلام الذين سئلوا.
ثم لا يجوز لأحد تحصيل السؤال على جهة واحدة ، والقطع عليه بالتوقف الموجب للعلم.
ثم في قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) جواب عما سبق من السائل ؛ [فإن كان السائل](١) عن أمر الرسالة ، فحقه أن يحمل (٢) على جهة غير الجهة التي يحمل (٣) عليها إذا صرف التساؤل إلى أمر البعث ، أو إلى أمر التوحيد أو القرآن.
والأصل فيه أن الله ـ تعالى ـ بما (٤) ذكر من مهاد الأرض ، وخلق الأزواج ذكر عباده عظيم (٥) نعمه وكثرة إحسانه إليهم ؛ ليستأدي منهم الشكر ؛ فإذا وقعت لهم الحاجة إلى الشكر ، [فيضطرهم ذلك إلى من يبين لهم ، و](٦) احتاجوا إلى من يعرفهم [الوعد والوعيد](٧) ومحل الشكور ، ومحل الكفور ، ومحل الموالي ، ومحل المعادي ؛ إذ وجدوا هذه الدنيا تمن على الأولياء ، وعلى الأعداء على حالة واحدة ؛ فاحتاجوا (٨) إلى من يعرفهم الوعد والوعيد ، وأوجب ما ذكرنا القول بالبعث ؛ ليظهر به منزلة الشكور والكفور.
وفي ذكر هذه النعم ـ أيضا ـ دلالة الوحدانية ؛ لأن الله ـ تعالى ـ مهد الأرض ، فجعلها متمتعا للخلق ، ومنقلبا لهم ، وأخرج منها ما يتعيشون به ، وجعل سبب الإخراج ما ينزل من السماء من القطر ، فجعل منافع الأرض متصلة بمنافع السماء ، فلو لم يكن مدبرهما واحدا لانقطع الاتصال ، ثم لو أراد أحد أن يعرف المعنى الذي [له](٩) يقع إحياء الأشياء بالماء ، لم يصل إليه ، ولو أرادوا أن يتداركوا الوجه الذي صلح هذا الطعام أن يكون سببا لدفع الحاجات وقطع الشهوات ، لم يقفوا عليه ؛ فيكون فيما ذكرنا إزالة الشبه والشكوك التي تعترض لهم في الأمور الخارجة عن تدبيرهم وقواهم.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : يحتمل.
(٣) في ب : حمل.
(٤) في ب : لما.
(٥) في ب : عظم.
(٦) سقط في ب.
(٧) سقط في ب.
(٨) في ب : واحتاجوا.
(٩) سقط في ب.