وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) : هم الملائكة الموكلون بأمور الخلائق وأرزاقهم.
ومنهم (١) : من صرف تأويل الآيات إلى النجوم : أنهن النجوم اللاتي يطلعن من مطالعهن لحوائج الخلق ، ولأمور جعلت لها ، ويغربن في مغاربهن ، ثم ينشطن إلى مطالعهن ، فيطلعن منها ؛ أي : لا يطلعن كرها ؛ بل ناشطات لأمر الله ـ تعالى ـ إلى ما سخرن له.
(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) : النجوم أيضا ، وسبحهن : دورانهن في الأفق لأمور ، خفي ذلك على الخلق ؛ لقوله : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [الأنبياء : ٣٣].
وقوله : (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) أي : يسبق بعضها بعضا ، أو تسبقن الشياطين بالرجم والطرد ، لا تدعهن يقربون إلى السماء ، وبه قال الحسن ، والله أعلم.
ومنهم (٢) : من صرف تأويل الآيات إلى مختلف الأشياء ، فقال : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) هي القسي ينزعها الإنسان ، فيغرق في نزعها ، (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) هي الأوهاق تنشط بها الدابة تكون منه في جهة.
(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) : هن السفن.
(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً) : هن الخيل.
(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) : هي الملائكة ، وبه قال عطاء.
ومنهم (٣) : من صرفها إلى أنفس المؤمنين وأرواحهم ، فقال : (وَالنَّازِعاتِ) : هي الأنفس التي تغرق في الصدر ، (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) حين تنشط من القدمين.
وقيل : إن أنفس المؤمنين ينشطن إلى الخروج عن الأبدان إذا عاينوا ما أعد لهم في (٤) الجنة.
(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) : هي أرواح المؤمنين ، سميت : سابحات ؛ لسهولة الأمر عليها ، كما يسهل الخروج من الماء لمن يعلم السباحة.
وقوله : (فَالسَّابِقاتِ) ـ أيضا ـ : هي أرواح المؤمنين ، سميت : سابقات ؛ لما تكاد تسبق
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير عنه (٣٦١٧٥ ، ٣٦١٨٤ ، ٣٦١٨٩) وهو قول الحسن أيضا.
(٢) قاله عطاء أخرجه ابن جرير (٣٦١٧٦) ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٠٩).
(٣) قاله السدي أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٠٩).
(٤) في أ : من.