أول تغير يظهر منها ، ثم تصير كثيبا مهيلا ، ثم كالعهن المنفوش ، ثم هباء منثورا إلى أن تتلاشى وتتلف.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) ، فالعشار هي النوق الحوامل التي أتى على حملها عشرة أشهر ، وهي من أنفس الأموال عند أهلها ؛ فيخبر أن أربابها يعطلونها في ذلك اليوم ولا يلتفتون إليها ؛ لشغلهم بأنفسهم في ذلك ، وهو كما قال : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) إلى قوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) الآية [الحج : ٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) قيل (١) : جمعت ، وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن تجمع كلها فتتلف وتهلك.
والثاني : أن تحشر مرات يحييها بعد موتها ؛ فيضع الله تعالى فيها ما شاء ؛ فيكون في هذا إخبار عن عظم هول ذلك (٢) اليوم ؛ حتى يؤثر الهول في الوحوش ، والشمس ، والقمر ، والسموات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) قيل (٣) : فجرت ، وسنذكر تأويل التفجير فيما بعد ، [إن شاء الله تعالى](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قيل (٥) : قرنت.
ثم اختلف في معنى القران :
فقال بعضهم : قرن زوجها إليها.
وقال بعضهم : يقرن كل بأهل شيعته ؛ فيقرن الكفرة بالشياطين ، وأهل الشراب بأهل الشراب ، وأهل الزنى (٦) بأهل الزنى (٧) ، وقال [الله ـ عزوجل ـ :](٨)(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف : ٣٦] إلى قوله : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ
__________________
(١) انظر : تفسير ابن جرير (١٢ / ٤٦٠).
(٢) في ب : تلك.
(٣) قاله الضحاك أخرجه ابن جرير (٣٦٤٤٠) ، وعبد بن حميد عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٢٦).
(٤) سقط في ب.
(٥) قاله عمر بن الخطاب بنحوه أخرجه ابن جرير (٣٦٤٤٦ ، ٣٦٤٥١) ، وعبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في البعث وأبو نعيم في الحلية عن النعمان بن بشير عنه كما في الدر المنثور (٦ / ٥٢٧).
(٦) في ب : الربا.
(٧) في ب : الربا.
(٨) سقط في ب.