الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف : ٣٨] ، ففي هذا إخبار أن المعذب منهم إذا رأى عدوه يعذب عذابه ، ويكون في العذاب الذي هو فيه لم يتسل بذلك شيئا ، ولم ينل به راحة ، وإن كان المرء في الدنيا إذا رأى عدوه يعذب عذابه يتسلى بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) ، وقرأ بعضهم : وإذا الموؤدة سألت وهذا (١) هو الظاهر أن تكون هي السائلة ، أي : تسأل إياهم : بأي ذنب قتلت؟! وتقول : بأي ذنب قتلتموني؟!.
وكانت العرب تدفن بناتها ، يقال : وأدته : أي : دفنته (٢).
ثم القراءة المعروفة : (سُئِلَتْ) ، وهي تحتمل أوجها ثلاثة :
أحدها : ذكر أبو عبيد وقال : إن قتلتها (٣) تسأل : بأي ذنب قتلت الموءودة؟!.
و [الثاني :] يحتمل أن تسأل الموءودة عند حضرة الذين وأدوها : بأي ذنب قتلت؟! يراد بالسؤال تخويف وتهويل للذين وأدوها ، لا سؤال استخبار واستفهام ، وهو كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) [المائدة : ١١٦] ، وليس يسأل عن هذا سؤال استخبار واستفهام ، ولكن يسأل سؤال تخويف وتهويل لمن ادعى أن عيسى ـ عليهالسلام ـ هو الذي أمرهم أن يتخذوه وأمه إلهين من دون الله.
و [الثالث :] جائز أن تسأل الموءودة : أتدعي أو لا تدعي؟ وما (٤) الذي تدعي عليهم؟ فيبدأ بها بالسؤال ، كما يرى المدعي في الشاهد هو الذي يبدأ بالسؤال ، فيقال له : ما تدعي على هذا؟ فقوله : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) كأنها إذا سئلت عن الذي ادعت ، قالت : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) ، أي : الكتب نشرت للحساب ، وهي التي فيها أعمال ابن آدم وقتما تدفع إليهم بأيمانهم وشمائلهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) ، قيل : قشرت ، وذلك أن تتناثر النجوم ، وتطمس الشمس ، فتطوى كطي (٥) السجل للكتب.
وقيل : كشفت ، تكشف السماء ، كما يكشف الغطاء عن الشيء.
__________________
(١) في ب : فهذا.
(٢) في أ : وادية : أي دفينة.
(٣) في ب : قتلها.
(٤) في ب : وأما.
(٥) في ب : طي.