بعد ذلك.
قال أهل اللغة : التطفيف : النقصان ، يقال : إناء طفان ؛ إذا كان غير مملوء.
وقال الزجاج : يقال : شيء طفيف ، أي : يسير ، فسمي : مطففا ؛ لما يسرق منه شيئا فشيئا في كل مكيال.
وفي هذه [الآية](١) دلالة أن حرمة الربا عامة على أهل الأديان.
وفيه دلالة أن حرمة الربا ليست لمكان العاقدين ، وإنما هي حق على العاقدين لله ـ تعالى ـ وذلك أن الذي يكال له ، كان يأخذ ما يكال له على علم منه بتطفيف البائع ، ثم كان يرضى به ، ويتجاوز عن ذلك ، ومع ذلك لحقهم التعيير بالتطفيف ؛ فدل أن حرمته ليست لمكان العاقدين ، ولكنها من حق الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) منهم من ذكر أن هذا على التقديم والتأخير ، ومعناه : ويل للمطففين على الناس إذا [اكتالوا أو وزنوا](٢) ، وإذا اكتالوا استوفوا.
ومنهم من قال بأن (عَلَى) هاهنا بمعنى «عن» ؛ فكأنه يقول : ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا عن الناس يستوفون.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) منهم من حمل قوله : هم بعد ذكر الكيل والوزن على التأكيد والمبالغة ، فإن كان هذا على هذا ، فحقه الوقف على قوله : (كالوا) ، وعلى قوله : (وزنوا).
ومنهم من قال (٣) : معناه : وإذا كالوا لهم ، أو وزنوا لهم ؛ لأن الألف بينهما ليست بمثبتة في المصاحف ، وهو مستعمل : كلته ، وكلت له ، ؛ كقوله : وعدته ، ووعدت له ، فإن كان هذا معناه ، لم يستقم الوقف على قوله : (كالوا) و (٤) (وزنوا) ؛ لأن قوله : (لهم) ، تفسير لقوله : (كالوا) أو (وزنوا) ، ولا يجوز قطع التفسير عما له التفسير.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ..). [الآية](٥) :
قال أكثر أهل التفسير : (أَلا يَظُنُ) : ألا يعلم ، وأ لا يتيقن.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : كالوا أو وزنوهم.
(٣) انظر : تفسير ابن جرير (١٢ / ٤٨٤).
(٤) في ب : أو.
(٥) سقط في ب.