أعماله ؛ فيكون هذا على الإنكار منهم بالكرام الكاتبين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) يكون (١) ضحكهم على المجازاة للكفرة بما كانوا يضحكون منهم في الدنيا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) منهم من وقف على قوله : (عَلَى الْأَرائِكِ).
ومنهم من رأى موضع الوقف على قوله : (يَنْظُرُونَ).
فإذا وقفت على قوله : (عَلَى الْأَرائِكِ) ، كان معناه : أنهم ينظرون : هل جوزي الكفار ما أوعدهم الرسل في الدنيا أو لا بعد؟
وإذا وقفت على قوله : (يَنْظُرُونَ) ، كان قوله ـ تعالى ـ : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) ، أي : قد جوزي الكفار ما كانوا يفعلون ، فهم ينظرون كيف يعاقبون.
ثم القول : أن كيف احتملت أنفسهم النظر إلى الكفار بما هم فيه من التعذيب ، والمرء إذا رأى أحدا في شدة العذاب ، لم يحتمل طبعه ذلك ، ونغص عليه العيش ؛ فجائز أن يكون الله ـ تعالى ـ أنشأهم على خلقة لا تقبل المكاره ولا تجدها ؛ بل تنال اللذات كلها والمسار.
أو ارتفع عنهم المكروه ؛ لبلوغ العداوة بينهم وبين أهل النار غايتها ، وكذلك (٢) يرى المرء في الشاهد إذا عادى إنسانا واشتدت العداوة فيما بينهما ، ثم رآه يعذب بألوان العذاب ، لم يثقل عليه ذلك ؛ بل أحب أن يزاد منه.
ثم جائز أن يرفع إليهم أهل النار إذا اشتاقوا النظر إليهم ، فيرونهم.
أو يجعل في بصرهم (٣) من القوة ما ينتهي إلى ذلك المكان.
ثم ذكر بعضهم أن هذه السورة مكية.
ومنهم من ذكر أنها نزلت بين مكة والمدينة ، وهي مكية.
ومنهم من ذكر أن أولها مدنية وآخرها مكية ، والله أعلم.
* * *
__________________
(١) في ب : ويكونه.
(٢) في ب : ولذلك.
(٣) في ب : نظرهم.