إلى الله ـ تعالى ـ ويوم البروز بقوله ـ تعالى ـ : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) [إبراهيم : ٢١].
ووجه التسمية بهذه الأسامي ما ذكرنا : أن المقصود من خلق العالم العاقبة ؛ فسمي : بروزا ؛ لما للبروز أنشئ ، وسمى : مصيرا إلى الله تعالى ؛ لمصيرهم إلى ما له خلقوا ، وإن كان الخلق كلهم بارزين له قبل ذلك ، ولم يكونوا عنه غائبين ؛ فيصيرون إليه خصوصا لذلك اليوم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) ، فسماه : [حسابا](١) يسيرا ؛ لوجوه (٢) :
أحدها : أن المؤمن اعتقد تصديق الرب في كل ما دعاه إليه ، وإذا كان على التصديق سهل عليه تذكر ما قد عمله بتفكر الجملة.
ووجه آخر : أنه إذا نظر في كتابه رأى حسناته مقبولة وسيئاته مغفورة له ، فسمي ذلك اليوم : يسيرا له ؛ لما أثبت فيه من الخيرات ، ومحي عنه من السيئات ، كما سميت الخيرات : يسرى (٣) ، وسمي ما يجري عليها : يسرى (٤) أيضا ، فكذلك من (٥) أوتي كتابه بيمينه يجري عليه الخير ؛ فسمي : حسابا يسيرا.
وجائز أن يكون المسلم يحاسب في أن يذكر ما أنعم الله عليه في الدنيا ، ولا يحاسب حساب توبيخ وتهويل ؛ بأن يقال له : لم فعلت كذا؟ والكافر يسأل سؤال توبيخ ، فيقال له : لم فعلت كذا؟! على [الإنكار منه لما فعل](٦) ، وفي ذلك تعسير عليه.
وروي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من نوقش الحساب فهو معذب» ، وفي بعضها : «من حوسب عذب» قالت (٧) : قلت : يا رسول الله ، ألم يقل الله تعالى : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً. وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً)؟ قال : «يا عائش ، ذاك العرض ، ولكن من نوقش الحساب هلك».
قال الفقيه ـ رحمهالله ـ : في ظاهر قوله ـ عليهالسلام ـ : «من نوقش الحساب عذب» دفع لما قالته عائشة ـ رضي الله عنها ـ لأن الفهم من قوله ـ عليهالسلام ـ : «من نوقش الحساب» غير الفهم من قوله ـ تعالى ـ : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) ؛ فليس في ظاهر قوله
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : لأوجه.
(٣) في ب : بشرى.
(٤) في ب : بشرى.
(٥) في ب : الذي.
(٦) في أ : الإنجاز بما فعل.
(٧) في ب : قال.