وقوله : (حَلِيمٌ).
وصف نفسه بالحلم ، وعلى قول المعتزلة لا يتحقق هذا الوصف ؛ لأنهم يقولون : إنه إذا وجبت العقوبة ، فليس لله تعالى أن يؤخرها كرما منه ، وأنه فيما أخرها كان ذلك حقّا عليه ؛ حيث رأى الأصلح في تأخيرها ، ومعلوم أن من أدى حقّا عليه لم يوصف بالحلم ، ولكنه يقال : إنه ينفي الجور (١) ، والحليم من يحلم عن عقوبة لزمت فيؤخرها ويتركها ويعفو صاحبها عنها ؛ فيوصف بالحلم عند ذلك ، وأما أن يكون عليه تأخيرها ، فلا يوصف بالحلم في هذا الموضع ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ).
يعني : عالم ما غاب من أفعال الخلق عن الملائكة ، وعالم بما شهدوا من أفعالهم ، وعالم بما غاب عن العباد ، وبما شهده العباد.
وقوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
[العزيز] : الذي لا يعجزه شيء ، والحكيم : الذي لا يلحقه الخطأ في تدبيره ، ثم المعتاد في القرآن أنه يذكر العزيز الحكيم بعد ذكره خلق الكفرة ؛ ليعلم أن فسادهم لا يوجب وهنا في حكمته وتدبيره ، ولا يبطل عزه وسلطانه ؛ لأن من صنع إلى آخر شيئا يعلم أنه يفسد ؛ دل ذلك على جهله بالتدبير وإذا استعمل عبده بما يهلكه ؛ دل على ذله فأخبر بعد خلق الكفرة : أنه عزيز ليعلم أن كفرهم لا يوجب نقصا في عزه ، ولا يدخل ذلا عليه ، وأن فسادهم لا يخرجه عن الحكمة والتدبير ، [والله أعلم بالصواب](٢).
* * *
__________________
(١) في أ : يبقى الجود.
(٢) في ب : والله المستعان.