لله ـ تعالى ـ فيه صنع.
والثاني : أن إحداث شيء في سلطان آخر وفي مملكته من حيث لا يشاؤه ولا يريده آية الضعف والقهر ، ومن ذلك وصفه ، لم يجز أن يكون ربّا ؛ لذلك لزم وصف الله ـ تعالى ـ بذلك.
وجائز أن يكون قوله ـ تعالى ـ : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) ، أي : البعث ، وهو أنه أنشأ هذا الخلق للعاقبة ، وهكذا فعل كل مختار أنه يقصد بفعله العاقبة إلا أن يكون جاهلا بها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ. فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) [الآية](١).
قد وصفنا ما في ذكر الأنباء من الفوائد ، وقد ذكرنا أن فيها إثبات رسالته ؛ على ما تقدم ذكره غير مرة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ) ، أي : كفروا أنعم الله ـ تعالى ـ فهم في تكذيب بأنعم الله تعالى.
أو لما جحدوا أنعم الله ـ تعالى ـ لم يوفقهم للإيمان به ؛ فجعلوا (٢) على التكذيب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) ، أي : من وراء تكذيبهم محيط بما ينزل بهم من العذاب ليس يوعدهم عن غفلة وخيال كما يفعله ملوك الدنيا ؛ قد يوعدون بالعذاب ، ولا يدرون أنهم يتمكنون من ذلك أم لا؟ والله ـ تعالى ـ ينزل عليهم عذابه كما أوعد.
أو يكون قوله : (مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) ، أي : عالم بما يسرون ويخفون عن الخلق ، لا يعزب عنه شيء.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) سماه : مجيدا ، وكريما ، وحكيما ، وهذه أوصاف من وصف بها في الشاهد فإنما استحق الوصف بفعل وجد منه ، ولا يوجد من القرآن فعل يستحق به الوصف ، فالوصف به يحتمل أوجها :
أحدها : (مَجِيدٌ) ، أي : يصير من تبعه (٣) وعمل بما فيه مجيدا حكيما كريما ؛ كقوله تعالى : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [يونس : ٦٧] ، أي : يبصر به أو يكون قوله : (مَجِيدٌ) ، [و] (كَرِيمٌ) [الواقعة : ٧٧] ، أي : على الله تعالى.
أو سماه : كريما ، مجيدا ، حكيما ؛ لعظم قدره.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : فحصلوا.
(٣) في ب : يتبعه.