الاحتجاج على الكفرة ولم يذكر عن أحد التنازع في نفى الرد إلى الصلب وإنكاره حتى يدفع المنازعة بهذا ، وكانوا أهل إنكار بالبعث ؛ فاحتج عليهم [بابتداء الخلقة ، وكذلك أكثر ما جرى به الاحتجاج في إثبات البعث في القرآن ، إنما احتج عليهم](١) بالابتداء.
وإن كان التأويل على رده إلى صلب أبيه ، فوجه الرد هو أن يرد من حالة الشيب إلى حالة الشباب ، ثم من حالة الكبر إلى حالة الصغر ، ثم إلى حالة الطفولة ، ثم يرد مضغة ، ثم يرد علقة ، ثم نطفة ، ثم ترد النطفة إلى صلب أبيه ، [لا أن](٢) يوصف الله ـ تعالى ـ بالقدرة على رده وهو على حاله نسمة عظيمة إلى صلب أبيه مع ضيق ذلك المكان.
ولأن هذا محال ، والله تعالى لا يوصف بالقدرة على المحال ، وليس فيما لا يوصف بالقدرة على المحال نفي القدرة عنه في الأزل ، وبهذا يجاب من سأل فقال : أيقدر الله ـ تعالى ـ على إدخال الدنيا في بيضة؟ فيقال [له](٣) : إن أردت إدخالها (٤) في البيضة بأن يصغر الدنيا ويضيقها حتى يجعلها أضيق من البيضة ، أو يوسع البيضة حتى تسع الدنيا ـ فهو على ذلك قادر.
وإن أردت أنه قادر على إدخالها فيها على إبقاء البيضة بحالها (٥) وبقاء الدنيا بحالها ، فهذا محال ؛ لما فيه من انقلاب البعض كلا ، والكل بعضا ؛ فكذلك (٦) يوصف الله ـ تعالى ـ [بالقدرة] على رد النسمة إلى الصلب بالوجه الذي ذكرنا ، لا أن يردها على ما هي عليه إلى الصلب ؛ لما في ذلك من الإحالة ، وكذلك إذا سألنا عن حركات أهل الجنة والسكون هل لهما غاية؟.
فنقول : لا.
فإن قالوا : هل يعلم الله ـ تعالى ـ غايتها وعددها.
فنقول له : يعلمها غير منقطعة ، لا أن يعلمها منقطعة ، ولم يكن في قولنا : إنه لم يعلمه منقطعا إثبات الجهل (٧) ولا نفي العلم عنه ؛ بل الجهل إنما يتحقق إذا وصف بالعلم بالانقطاع فيما لا ينقطع ، فكذلك ليس في نفي الوصف بالقدرة على المحال إثبات
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : لأن.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : إدخاله.
(٥) في ب : بحال.
(٦) في ب : فلذلك.
(٧) في ب : جهل.