يقولها بالحيض يجعل القبل ما يقابل العدة وهو الحيض ، ثم لنا أن ننظر أي التأويلين أقرب؟
وقد أجمعوا أن له أن يطلقها في آخر الطهر إذا لم يجامعها فيه ، دل أن تأويل القبل بما (١) يقابل العدة أحق (٢) وهو الحيض ، [والاعتداد به](٣) أولى ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ).
يخرج على وجهين :
أحدهما : احفظوا الحقوق والأحكام التي تجب في العدة ؛ فأدوها.
والثاني : احفظوا نفس ما تعتدون به ، وهو عدد الحيض الذي بها تعتدون ؛ لئلا تزاد ولا تنقص.
ثم جعل الإحصاء إلى الأزواج ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أنهم هم الذين تلزمهم الحقوق والمؤن.
والثاني : أنه بهم يقع تحصين الأولاد في العدة ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
دل قوله : (مِنْ بُيُوتِهِنَ) على صحة مسألة لأصحابنا ـ رحمهمالله ـ فيمن حلف ألا يدخل بيت فلان ، فدخل بيتا هو فيه بإعارة [أو إجارة](٤) أنه يحنث.
ووجه ذلك : أن الله تعالى أضاف البيوت إليهن وإن كان حقيقة الملك للأزواج فيها ، ألا ترى إلى قوله : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) ، ثم قال : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) ؛ فدل قوله (مِنْ بُيُوتِهِنَ) : أنه أراد به البيوت التي أسكنهن الأزواج فيها ، وإذا صحت هذه الإضافة ؛ دل على صحة المذهب.
وقال الشافعي فيمن حلف لا يدخل مسكن فلان ، فدخل مسكنا هو فيه بإعارة : إنه يحنث ، وقال فيمن حلف لا يدخل بيت فلان : إنه لا يحنث ، واحتج في المسكن : أنه إنما يحنث ؛ لأنه وجد حقيقة السكنى من المحلوف عليه ، فإن كان هذا هو الدليل على الحنث ، فالواجب عليه أن يحنثه في البيت ؛ لوجود البيتوتة على ما حنثه في المسكن ،
__________________
(١) في ب : ما.
(٢) في أ : أخف.
(٣) في أ : لا عند أدائه.
(٤) في أ : داره.