تعالى ـ وهو النار ، كما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا يعذب أحد بعذاب الله تعالى» (١) وإن كان على النصب ، فهو يحتمل وجهين أيضا :
أحدهما : أن يكون التأويل منصرفا إلى صنف من الكفرة ، وهم الذين بلغوا في الكفر أعلى (٢) مراتبه ؛ فلا يعذب من دونهم بعذابهم.
والثاني : ألا يعذب أحد مكان أحد كما يفعله ملوك الدنيا في أنهم يعذبون الوالد مكان الولد ، ويعذبون من يتصل بالذين استوجبوا العذاب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) :
فالمطمئنة : هي الساكنة التي لا ترتاب ، ولا تضطرب ؛ فتكون طمأنينتها بوعد الله ووعيده ، وأمره ونهيه ، وتوحيده.
ثم يجوز أن يكون هذا في أمر الدنيا ؛ فيكون قوله ـ عزوجل ـ : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) ، أي : ارجعي إلى ما أمرك ربك (راضِيَةً) بوعد الله ووعيده ؛ فتكون راضية بالذي وعد لها في الآخرة جزاء لكدحها وسعيها في الدنيا ، (مَرْضِيَّةً) عند الله تعالى.
(فَادْخُلِي فِي عِبادِي) ، أي : مع عبادي الصالحين.
(وَادْخُلِي جَنَّتِي) ، أي : ادخلي فيما يستوجب به الجنة.
وجائز أن يكون هذا في الآخرة ، وهو : أن يقال للنفس التي اطمأنت في الدنيا بوعد الله ووعيده ، وعملت بطاعته : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي. وَادْخُلِي جَنَّتِي).
وقيل : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) بالدنيا (ارْجِعِي) إلى طلب الآخرة ، وما أعد الله تعالى لأوليائه فيها.
وقيل : (الْمُطْمَئِنَّةُ) على عباده ، (ارْجِعِي) إلى طاعة الله تعالى ؛ فإنك إذا فعلت ذلك ، رضي الله تعالى عنك ، ورضيت بعطاء الله تعالى وثوابه إياك في الآخرة ، والله أعلم [بالصواب ، وإليه المرجع والمآب](٣).
* * *
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا كما في الدر المنثور (٦ / ٥٨٨).
(٢) في ب : على.
(٣) سقط في ب.