وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) :
قال الزجاج : «ما» بمعنى : «الذي» ، وقد تستعمل في مثله ، كقول العرب : «سبحان ما سبحت له السموات والأرض» ، أي : سبحان الذي سبحت له.
وقال بعضهم (١) : «ما» هاهنا بمعنى «من» ؛ كأنه يقول : والسماء ومن (٢) بناها.
وقال بعضهم (٣) : «ما» هاهنا تجعل الفعل الماضي بمعنى المصدر ، تقول : أعجبني ما صنعت ، أي : أعجبني صنعك ؛ فيكون معناه : والسماء وبنائها.
فإن كان التأويل على الوجهين الأولين ، رجع القسم إلى الله تعالى ، والسماء ، وإلى ما تقدم من الشمس والقمر والنهار والليل.
وإن كان على التأويل الآخر ، رجع القسم إلى ما خلق وهو السماء ، فإن بناء السماء عينها.
وقال أبو بكر الأصم : إن هذه الماءات في قوله : (وَالسَّماءِ وَما بَناها. وَالْأَرْضِ وَما طَحاها. وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) ، تخرج على التعجب ، على شرط التقديم ، وإن كانت مؤخرة في اللفظ ؛ كأنه يقول [الله](٤) تعالى : وما السماء؟ ثم أجاب : بناها بأن رفع سمكها وسواها ورفعها بغير عمد ترونها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) ، أي : بسطها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) :
قالوا : تسويتها في أن خلقها باليدين والرجلين والعينين ونحوها ، فإن كان على هذا فالتسوية ترجع إلى الأغلب لا إلى الجملة ؛ إذ ليس لكل نفس هذه الجوارح جملة ؛ فيكون معناه : أنه سوى أكثر النفوس بما ذكر من اليدين والرجلين ، وذلك جائز في الكلام ، وهو كقوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) [الأنعام : ٩٦] ، (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) [النبأ : ١١] ، ومعناه : أنه جعله (٥) سكنا ومقرا لأكثر الخلائق لا للجملة ، وجعل النهار لأكثر الخلائق معاشا لا للجملة ، والله أعلم.
وقيل : سوى جوارحها وأطرافها ما لو لم يكن له جارحة من تلك (٦) الجوارح يوصف
__________________
(١) قاله ابن جرير (١٢ / ٦٠١).
(٢) في أ : ما.
(٣) قاله ابن جرير (١٢ / ٦٠١).
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : جعلها.
(٦) في ب : ذلك.