أحدهما : أنه سواهم بالأرض ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) [النساء : ٤٢].
أو سوى بين الصغير والكبير في الإهلاك ؛ فالصغار منهم يومئذ ماتوا بآجالهم ، والكبار منهم استؤصلوا بذنوبهم.
وقوله : (وَلا يَخافُ عُقْباها) :
جائز أن تكون الإضافة منصرفة إلى الله تعالى ، وهو أن يكون الله لما أهلكهم لم يخف تبعة الإهلاك.
ووجه الخوف : هو أنه فيما أهلكهم ، أهلكهم بما أوجبت الحكمة إهلاكهم ، ولم يلحقه تقصير في الحكمة ، ولا وجد العائب في ذلك مقالا.
وهكذا قال الحسن : ذاك ربنا ، لم يخف مما أنزل عليهم العذاب (١).
أو يكون منصرفا إلى العاقر ؛ فيكون معناه : أنه عقرها ، ولم يخف العاقبة التي حذرهم بها صالح ـ عليهالسلام ـ من قوله : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [الأعراف : ٧٣].
وقال بعضهم : (وَلا يَخافُ عُقْباها) ، أي : لم يعلم ما يحل به من عقر تلك الناقة ، ولو علم لم يفعل.
ويجوز استعمال الخوف في موضع العلم ؛ لأن الخوف إذا بلغ غايته ، صار علما.
ثم الحكمة في ذكر قصة ثمود وجهان :
أحدهما : أن في ذكرها تثبيت [رسالة محمد صلوات الله عليه ، وهو أن النبي صلىاللهعليهوسلم](٢) لم يوجد منه الاختلاف إلى من عنده علم الأنباء والأخبار ، ولا كان يعرف الكتابة ؛ ليقع له المعرفة بهما ؛ فثبت أنه بالوحي علم.
والثاني : أن في ذكرها تحذيرا لمكذبي الرسل ، فحذروا بها ليمتنعوا عن تكذيبه ؛ فلا يحل بهم كما حل بمكذبي صالح ـ عليهالسلام ـ من بأسه وعذابه ، والله الهادي.
* * *
__________________
(١) أخرجه عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور (٦ / ٦٠٢).
(٢) في ب : رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم.