أحدهما : أي : احذروا ناقة الله ، وهو كقوله : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [الأعراف : ٧٣].
والثاني : أي : قال لهم : ذروا ناقة الله تأكل في أرض الله ، وذروا بين الناقة وسقياها ـ أي : شربها ـ ثم أضيفت الناقة إلى الله ـ تعالى ـ لوجهين :
أحدهما : أن الله ـ تعالى ـ لم يأذن لأحد بالتملك عليها ؛ حتى ينسب إليه الملك ، بل بقيت (١) غير مملوكة لأحد ؛ فأضيفت (٢) إلى الله ـ تعالى ـ كما أضيفت إليه المساجد ؛ لما لا ملك لأحد عليها.
أو أضيفت إلى الله ـ تعالى ـ على معنى التفضيل ، والأصل أن إضافة الأشياء إلى الله ـ تعالى ـ بحق الجزئيات على تفضيل تلك الأجزاء من بين غيرها ، وإضافة الأشياء إلى الله ـ تعالى ـ بحق الكليات (٣) ، تخرج مخرج تعظيم (٤) الله تعالى ، فإذا قيل : رب المساجد ، أريد به : تفضيل المساجد من بين سائر البقاع ، وإذا قيل : رب العرش ، أريد به تعظيم العرش ، وكذلك إذا قيل : رب الناقة ، أريد به تعظيم أمرها ، وإذا قيل : رب العالمين ، ورب كل شيء ، أريد به تعظيم الرب ، جل جلاله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) :
يحتمل أن يكونوا (٥) كذبوا صالحا في رسالته ، أو كذبوه فيما أخبرهم من حلول العذاب بهم إذا عقروا الناقة ، فعقروها مع ذلك.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) ، قال بعضهم : أي : أطبق عليهم العذاب على الصغير والكبير ، ومنه (٦) يقال : بعير مدموم ؛ إذا كان سمينا أطبق شحمه على لحمه.
وقال بعضهم : دمدم عليهم ، أي : دمر (٧) عليهم بذنبهم ، وذنبهم ما تعدوا من تكذيبهم الرسول ، وعقرهم الناقة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَسَوَّاها) :
يحتمل وجهين :
__________________
(١) في ب : لقيت.
(٢) في ب : فأضيف.
(٣) في ب : الكتاب.
(٤) في ب : التعظيم.
(٥) في ب : يكذبوا.
(٦) في ب : ففيه.
(٧) في ب : دم.