بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشر أواق (١) ، فأعتقه لله ـ تعالى ـ فأنزل الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ..). إلى قوله : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) ، يعني : سعي أبي بكر وأمية وأبي (٢).
وذكر إلى آخر السورة : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) : أبو بكر ، رضي الله عنه ، (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) : أمية بن خلف ، وأبي بن خلف ؛ يرويه عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه (٣).
قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى)(٢١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) :
هذا يخرج على وجوه :
أحدها : جائز أن يكون قوله : (عَلَيْنا) ، أي : لنا ، وذلك جائز في اللغة جار ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] ، أي : للنصب ، وكقوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [الرعد : ٤٠] ، و (عَلَيْنا حِسابَهُمْ) [الغاشية : ٢٦] ، أي : لنا محاسبتهم ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) [النحل : ٩] ، أي : لله قصد السبيل ، وكقوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) [الأنعام : ٣٠] ، أي : لربهم ، كما قال : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦] ، ونحو ذلك كثير أن يكون «علينا» بمعنى «لنا» ؛ فيصير كأنه قال : إن (٤) لنا للهدى ؛ كقوله : (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) [الزمر : ٣] ، وكقوله : (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) [النحل : ٥٢] ، يكون فيه إخبار أن الهدى له والدين الخالص له ، وأما سائر الأديان ـ فلما هي سبل الشيطان ـ ليست لله تعالى.
على هذا جائز أن يخرج تأويل الآية ، والوجهان الآخران يخرجان على حقيقة «على» ، لكن أحدهما يخرج ذكر الهدى على إرادة البيان وتبيين الطريق ، والآخر على إرادة حقيقة
__________________
(١) في ب : أوقى.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن عساكر من حديث ابن مسعود كما في الدر المنثور (٦ / ٦٠٥).
(٣) تقدم.
(٤) في ب : أي.