العلق : الدم الجامد ، [ثم قوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ)](١) أراد به كل إنسان ، و (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) كذلك ؛ ليعلم أن الاسم الفرد [إذا دخله](٢) لام التعريف أريد به العموم ، وهو كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر : ٢].
ثم في الآية دلالة على إبطال قول من يدعي طهارة النطفة ؛ بعلة أن الإنسان خلق منها ؛ فإنه أخبر أنه خلق الإنسان من علق ، نسب خلق الإنسان إليه ، ولا شك أن العلق نجس ، ثم أخبر أنه خلق الإنسان منه ؛ فعلى ذلك جائز أن تكون النطفة التي منها يخلق الإنسان نجسة ، وذلك غير مستحيل.
ثم أضاف [خلقه مرة أخرى إلى](٣) الأحوال التي قلب (٤) منها ، حيث قال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ..). [غافر : ٦٧] إلى آخر ما ذكر ، وأضاف هاهنا إلى حالة واحدة ، وهي (٥) العلقة التي ذكر (٦) ، وإن لم يكن الإنسان في الحقيقة مخلوقا من العلقة والنطفة والتراب الذي ذكر ؛ لأن هذه [الأسماء](٧) أسامي هذه الأشياء باعتبار خاصيات فيها ، وتلك الخاصيات تنعدم (٨) باعتراض (٩) حال أخرى عليها ، وإنما يخلق الإنسان من المضغة وإنما ذكر خلق الإنسان منه ، ونسبه إلى ما ذكر ؛ لما أن الإنسان هو المقصود من [خلق ذلك ، وهو النهاية التي ينتهي إليها ، فذكر بالذى ينتهي إليه من](١٠) الغاية ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) :
ذكر (الْأَكْرَمُ) ؛ ليعلم أن اختياره واصطفاءه لرسالته ونبوته ، وتعليم القرآن ابتداء إحسان منه [إليه](١١) وتفضل عليه ، لا بحق له عليه ؛ إذ ذكر في موضع المنة والفضل
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) في ب : أو أدخله.
(٣) في ب : مرة خلقه إلى.
(٤) في ب : حيث.
(٥) في ب : وهو.
(٦) في ب : ذكروا.
(٧) سقط في ب.
(٨) في ب : يتقدم.
(٩) في ب : بإعراض.
(١٠) سقط في ب.
(١١) سقط في ب.