والكرم ؛ إذ الأكرم هو الوصف بغاية الكرم ؛ كالأعلم وصف بإحاطة العلم وكماله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)
جعل الله ـ تعالى ـ القلم سببا به يحفظ ، وبه يثبت ، وبه يوصل إلى حفظ ما يخاف فوته ونسيانه من أمر دينهم ودنياهم ، ما لو لم يكن القلم ، لم يستقم أمر دينهم ولا دنياهم.
ثم قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) ، أي : علم الخط والكتابة بالقلم.
وكذا ذكر في حرف ابن مسعود وأبي وحفصة ـ رضي الله عنهم ـ : علم الخط بالقلم.
ثم أضاف التعليم بالقلم إلى نفسه.
وكذلك قوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ؛ فهو يخرج على وجهين :
أحدهما : أن يكون أضاف ذلك إلى نفسه ؛ لما يخلق منهم فعل تعلمهم.
ويحتمل إضافته إليه ؛ للأسباب (١) التي جعلها لهم في التعليم ، [والله أعلم](٢).
ثم ذلك التعليم بالقلم لأمته ، لا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه علمه إياه بلا كتابة ولا خط ؛ حيث قال : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) [العنكبوت : ٤٨] ، ثم في تعليم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلا قلم ولا كتابة آية عظيمة لرسالته ، حيث جعله بحال يحفظ بقلبه بلا إثبات ، ولا كتابة ، ولا خط يخطه.
ثم قوله : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) يحتمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ لقوله (٣) : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) [النساء : ١١٣] ، وكقوله : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا) [هود : ٤٩] ، وقوله : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢].
ويحتمل [قوله](٤) : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) : كل إنسان ؛ كقوله : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) [النحل : ٧٨].
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) :
طغى بالغنى ، أي : تكبر ، وافتخر بما رأى نفسه غنية (٥) ، وعلى هذا ما روي في الخبر
__________________
(١) في ب : للأنساب.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : بقوله.
(٤) سقط في ب.
(٥) في ب : عينه.