اللهَ يَرى) ، كأنه قال : أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ، أرأيت الذي ينهى من كان على الهدى ، أو أمر بالتقوى ، وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان ينهاه ذلك الكافر إذا صلى ، وينهاه عن الهدى (١) ، وعن الأمر بالتقوى ، أرأيت الذي كذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتولى عن طاعة الله تعالى ، ألم يعلم بأن الله يرى؟!
يدخل جميع ما ذكر في هذا الوعيد ؛ فيكون [ذلك](٢) جوابا لما تقدم من قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى ..). إلى آخر ما ذكر.
وجائز أن يكون جواب قوله : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى) مسكوتا عنه ؛ ترك للفهم.
ثم قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) ، أي : ألم يعلم بأن الله يرى ؛ فينتقم [منه](٣) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
أو : ألم (٤) يعلم بأن الله يرى ؛ فيدفعه عما هم برسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو وعيد.
ثم قوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) يحتمل وجهين :
أحدهما : قد علم بأن الله يرى جميع ما يقوله ، ويفعله ، ويهم به ، لكنه فعل ذلك على المكابرة والعناد.
والثاني : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) على نفي العلم له بذلك ؛ إذ لو علم بأن الله يرى ، ويعلم ما يفعله من النهي عن الصلاة والمكر به ، لكان لا يفعل ذلك به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ. ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) :
أي : حقا لئن لم ينته عن صنيعه الذي يصنع برسول الله (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) ، أي : لنأخذن بالناصية ؛ كأنه عبارة عن الأخذ الشديد ، والجر الشديد على الناصية.
ثم يحتمل أن يكون ذلك الوعيد له في الدنيا : أنه لو لم ينته عما ذكر :
فإن كان في الدنيا فتكون السفع (٥) كناية عن العذاب ، أي : لنعذبن.
وقيل : قد أخذ بناصيته يوم بدر ، فألقي بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم قتيلا.
وإن كان في الآخرة ، فهو عن حقيقة أخذ الناصية ؛ كقوله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا ..). [الإسراء : ٩٧] ، وقوله : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ..). [القمر : ٤٨].
__________________
(١) في ب : الهوى.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ب.
(٤) في ب : لم.
(٥) في ب : الناصية.