وقال أهل العربية : (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) ، أي : نقبض ، وسفعت ناصيته ، أي : قبضت ، ويقال : سفعه (١) بالعصا ، أي : ضربه بها ، ويقال : أسفع (٢) بيده ، أي : خذ بيده.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) :
يحتمل ما ذكر (٣) من قوله : (كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) كناية عن النفس.
ويحتمل أن يكون كناية عن الناصية التي تقدم ذكرها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) : أي : أبو جهل ، (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) ، أي : أهل مجلسه في الإعانة له بما يهم برسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) نحن في الدفع عنه ؛ لنرى هل يقدر أن يفعل به ما هم به.
ثم يحتمل ذلك في الدنيا ، وقد ذكر أنه قتل يوم بدر.
وجائز أن يكون ذلك الدفع من الزبانية في الآخرة ، وسموا : زبانية للدفع ، أي : يدفعون أهل النار في النار.
وقيل : الزبانية : الشرط ، والواحد : زبينة ، والنادى : المجلس ، يريد به : قومه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَلَّا لا تُطِعْهُ) ، أي : لا تطع ذلك الكافر ، وكان ما ذكر ، لم يطعه حتى مات ؛ فكان فيه إثبات الرسالة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) :
يحتمل قوله : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)(٤) أن يكون هذا خطابا للنبى ـ عليهالسلام ـ أي : صل ، واقترب إلى الله عزوجل.
ويحتمل أن يكون قوله : (وَاسْجُدْ) خطابا للنبى ـ عليهالسلام ـ أي : صل ، وقوله : (وَاقْتَرِبْ) خطابا لأبي جهل ، أي : اقترب إلى محمد ؛ حتى ترى على سبيل الوعيد ؛ لما كان يقصد المكر بالنبى صلىاللهعليهوسلم في حال الصلاة.
ثم على التأويل الظاهر الآية حجة لنا على أهل التشبيه ؛ فإنه لم يفهم من قوله : (وَاقْتَرِبْ) : القرب من حيث المكان ، وقرب الذات ، ولكن قرب المنزلة والقدر ، وكذلك ما ذكر في بعض الأخبار : «ومن تقرّب إليّ شبرا ، تقربت إليه ذراعا» (٥) ، ونحو ذلك ، لا
__________________
(١) في ب : شفعه.
(٢) في ب : أشفع.
(٣) في ب : ذكرنا.
(٤) زاد في ب : يحتمل.
(٥) أخرجه البخاري في التوحيد (١٣ / ٣٩٥) باب قول الله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) (٧٤٠٥) ، وانظر (٧٥٠٥) (٧٥٣٦) وكذا (٧٥٣٧) ، ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٤ / ٢٠٦١) باب : الحث على ذكر الله تعالى (٢٦٧٥).