ثم قوله : (تَوَّاباً) ، على التكثير ، أي : يقبل توبة بعد توبة ، أي : إذا تاب مرة ، ثم ارتكب الجرم (١) وعصاه ؛ ثم تاب ثانيا ، وثالثا ، وإن كثر ؛ فإنه يقبل توبته.
والثاني : (تَوَّاباً) ، أي : رجاعا يرجعهم ويردهم عن المعاصي ، إلى أن يتوبوا ، أي : هو الذي يوفقهم على التوبة.
ثم قال : (تَوَّاباً) ، ولم يقل : «غفارا» ، وحق مثله من الكلام أن يقال : «إنه كان غفار» ؛ كما قال في آية أخرى : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) [نوح : ١٠] ، ولكن المعنى فيه عندنا : أن المراد من الاستغفار ليس قوله : «أستغفر الله» ، ولكن أن يتوب إليه ، ويطلب منه المغفرة بالتوبة ؛ (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
ويجوز أن يكون فيه إضمار ؛ كأنه قال : «واستغفره ، وتب إليه ؛ إنه كان توابا».
ويجوز [أن يستغنى] بذكر الاستغفار في (٢) السؤال عن ذكره في الجواب ، وأحرى (٣) [أن يستغنى] بذكر التوبة في الجواب عن ذكرها في السؤال ، وقد يجوز مثل هذا في الكلام.
ثم الدين اسم يقع على ما يدين به الإنسان ، حقا كان أو باطلا ، وعلى ذلك أضاف النبي صلىاللهعليهوسلم ما كان يدين به إلى نفسه ، وما دان به الكفرة إليهم ، حيث قال : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) [الكافرون : ٦] ، وأما إضافته إلى الله ـ تعالى ـ حيث قال : (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) [الآية] ؛ لأنه الدين الذي أمرهم به ، ودعاهم إليه ؛ لذلك خرجت الإضافة والنسبة إليه ، والله أعلم [بالصواب](٤).
* * *
__________________
(١) في أ : المجرم.
(٢) في ب : عن.
(٣) في ب : وأجرى.
(٤) سقط في ب.