الله وأتوب إليه».
وهذا لأن «سبحان الله» حرف جامع يجمع جميع ما يستحق من الثناء عليه ، والوصف له بالعلو والعظمة والجلال ، والتنزيه عن جميع العيوب والآفات ، وعن جميع معاني الخلق ، جعل لهم هذا الحرف الجامع ؛ لما عرف عجزهم عن القيام بالوصف بجميع ما يستحق من الثناء عليه.
وكذلك حرف «الحمد لله» ، هو حرف جامع يجمع شكر جميع ما أنعم الله عليهم ، جعل لهم ذلك ؛ لما عرف من عجزهم ، وقلة شكر ما أنعم عليهم واحدا بعد واحد.
وعلى ذلك يخرج قوله : «اللهم صل على محمد» ، أمرهم أن يجعلوا الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله ـ عزوجل ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب : ٥٦] ولما لم يجعل في وسعهم القيام بما يستحقه أمروا أن يقولوا : «اللهم صل على محمد» ؛ ليكون هو المتولي ذلك بنفسه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْتَغْفِرْهُ) :
قال أبو بكر الأصم : دل قوله ـ عزوجل ـ : (وَاسْتَغْفِرْهُ) على أن كان منه تقصير وتفريط في أمره حتى أمره بالاستغفار عن ذلك.
لكن هذا كلام وحش ؛ لا يصف رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتقصير في شيء ، ولا بالتفريط في أمر قط ، ولكن قد جعل الله ـ تعالى ـ على كل أحد من نعمه وفضله وإحسانه في طرفة عين ولحظة بصر ما ليس في وسعه وطاقته القيام بشكر واحد منها ، وإن لطف ، وإن طال عمره ؛ فأمره بالاستغفار ؛ لما يتوهم منه التقصير في أداء شكر نعمه عن القيام بذلك.
أو أن يكون لأمته لا لنفسه.
فإن قال قائل : ما معنى أمره بالاستغفار ، وقد ذكر أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟
فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أنه يجوز أن يكون أمر بالاستغفار لأمته ، نحو قوله ـ تعالى ـ : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [محمد : ١٩].
أو أن يكون الله ـ تعالى ـ وعد له المغفرة إذا لزم الاستغفار ، ودام عليه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) :
أي : كان لم يزل توابا ، ليس أن صار توابا بأمر اكتسبه وأحدثه ، على ما تقول المعتزلة : إنه صار توابا.